للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المعلقات]

رأي جديد فيها

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

اختلف علماؤنا قديماً وحديثاً في سبب تسمية تلك القصائد التي جمعها حماد الراوية باسم المعلقات، وكان حماد أول من جمعها في أواخر عصر بني أمية وأوائل عصر بني العباس، وذلك أنه رأى زهد الناس في الشعر فجمع لهم هذه القصائد السبع وقال هذه هي المشهورات، فسميت القصائد المشهورة، ويراد بالشعر الذي زهد الناس على عهد حماد فيه الشعر الجاهلي القديم، وإلا فإن سوق الشعر كانت رائجة في عهد حماد، وكان الشعراء المحدثون في ذلك العهد لا يحصون من كثرة، وقد ابتدأوا يخرجون على الشعر القديم ويزهدون فيه ويخرجون مذاهبه وأساليبه، وكان أول من فعل ذلك بشار بن برد الذي يعد في رأس الشعراء المحدثين، وكان من أصدقاء حماد المقربين، فدعا هذا حماداً إلى محاولة إحياء ذلك الشعر المهجور، وترغيب الناس في حفظه وروايته، فجمع هذه القصائد لهم، ولعلها كانت أول ما جمع من هذا الشعر.

ويؤخذ من نص الرواية السابقة في جمع حماد لها تعرف بهذا الاسم (المعلقات) وإنها كانت تسمى عقب جمعه لها بالقصائد المشهورة، أخذاً من قوله بعد انتهائه من جمعها (هذه هي المشهورات) ولو كانت تسمى قبل جمعه لها باسم المعلقات لقال بدل هذا بعد انتهائه من جمعها (هذه هي المعلقات) فسماها باسمها المعروف، ولم يعدل عنه إلى ما ذكره في تمييزها، فعدوله إلى ذلك دليل على إنها لم تكن تعرف باسم المعلقات، بل إن عنايته بجمعها وما عمله في ذلك من أقوى الأدلة على إنها لم تكن تعرف بهذا الاسم، لأنها لو كانت تعرف قبل حماد به لكان لها اسم يجمعها، وكانت مجموعة بالفعل فيه، ولم يكن هناك من حاجة إلى جمع حماد لها.

فإذا أردنا أن نعرف كيف حدث هذا الاسم (المعلقات) لها بعد جمعها، فلننظر ما جرى للناس معها بعد جمع حماد لها، فلقد أخذوا يعنون بحفظها وشرحها، ثم شغفوا بذلك الحفظ والشرح واتخذوها متناً شعرياً مثل المتون التي دونت في العلوم بعد جمعها، وشغف الناس بحفظها وتعليق الشروح عليها، ولكن هذه القصائد كانت أسبق جمعاً من هذه المتون، حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>