للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنكار، آية من آيات الله في معرفة التفسير وحل مشكلات الكتاب المبين، متضلعاً من الحديث، متحصناً بالشريعة في كل علم يقرؤه من كلام أو حكمة أو تصوف أو رياضيات أو طبيعيات، وخص باستحضار الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الاستشهاد بها على حل المشكلات الدينية، فكان أمره في ذلك عجباً وشأنه فيه مستغرباً، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ومع انحراف علماء الأزهر عنه لإنكاره عليهم بدعهم وما درجوا عليه، فإنهم كانوا مقرين بفضله، وكثيراً ما كانوا يحتاجون إليه في معرفة أسرار الشريعة، وحل مشكلاتها والرد على الطاعنين عليها من أرباب النحل الأخرى أو المرتدين.

أخلاقه ومساعيه

أما أخلاقه فزهد غريب، وعلو نفس عن الدنايا، وبعد عن الرياء، وتواضع مع كل إنسان، وسذاجة في المطعم والملبس والمسكن، لا ينفق على نفسه من مرتبه إلا القليل ويتصدق بالباقي في الخفاء؛ فلما مات قام الصراخ في دور كثيرة يسكنها فقراء وأرامل، كان يعولهم في كل شهر بما فضل من نفقته، وما علم بهم أحد حتى من أقرب الناس إليه وأخصهم به إلا بعد موته.

وكان كثير الاشتغال بأمور المسلمين، دائم الهموم لما أصابهم من التأخر في مشارق الأرض ومغاربها، منتظراً فرجاً يأتيهم، ولطفاً من الله يحفهم، فتقوم فيهم دولة شعارها الدين، تقوى على جمع شملهم؛ ولذلك لما قام المهدي بالسودان وانتصر انتصاراته المشهورة واستولى على البلاد السودانية، أحسن المترجم فيه الظن وقام بنصرته بقلبه ولسانه، حتى اضطر الإنكليز أن يسيروا وراءه عيناً يخبرهم بحركاته وسكناته، وكاد يقع فيما لا تحمد عقباه لولا أن سلمه الله.

ولمداومة اشتغاله بالإقراء وتربية النفوس لم يؤلف تأليفاً، غير أن نظارة المعارف لما كلفت كل مدرس بجمع ما يلقيه من الدروس، وكان يدرس التفسير بمدرسة دار العلوم، شرع بجمع ذلك في كتاب سماه (عنوان البيان) لم يطبع منه غير المقدمة سنة ١٣١٦، أي قبل وفاته بسنة.

احمد تيمور

<<  <  ج:
ص:  >  >>