سبق إلى أذهان الكثيرين من النقاد العسكريين، فضلا عن سواد الناس، أن النازيين احكموا خطط الميادين كلها وفرغوا من إعداد وسائلها قبل هجومها على بولونيا، ومنها خطط الميادين الفرنسية والميادين الروسية.
وظل هذا الاعتقاد عالقاً بالأذهان إلى ما بعد هزيمة ألمانيا واحتلال أرضها.
فلما تم هذا الاحتلال كان أول ما اهتم به الحلفاء جمع الأوراق والأسانيد من محفوظات الدولة، ولا سيما المحفوظات السرية في وزارة الدفاع.
فإذا بذلك الظن يتبدد كله بعد الاطلاع على أوراق القيادة العليا، وإذا بالوثائق المتكررة تدل على أن القيادة العليا فوجئت بعزم هتلر على غزو فرنسا، وإذا بهتلر نفسه يستعجل هذا الغزو على غير سابقة من البحث في خططه واحتمالاته، لأنه كان يظن أن عقد الصلح بعد هزيمة بولونيا ومحالفة روسيا مستطاع، ولكنه رأى من الحلفاء إصرارا على المقاومة، وعلم انه استنفد وسائل استعداده فلا مزيد عليها، وكلما مضى شهر على الحرب نقصت قوته وزادت قوة الحلفاء حتى تتوافر لهم أسباب الرجحان المحقق في النهاية.
وفوجئ القادة باستعجاله فعارضوه أد معارضة، وأطلعوه على حقيقة الخطر من هذه المجازفة، ولكنه سلم لهم رأيهم من الوجهة العسكرية بعض التسليم، وتذرع بما لديه من (المعلومات السياسية) لتصويب البدء بالهجوم على فرنسا من هذه الوجهة.
وجاء دور الخطة التي يعتمدونها في النفاذ إلى الأرض الفرنسية من وراء خط (ماجينو) ومن وراء الحدود المغلقة.
لم يكن هتلر قد وضع خطة لهذه الغزوة ولا هو الذي وضعها بعد موافقة القواد إياه، خلافا لما سبق إلى الظن أيضاً بعد نجاح الخطة على غير انتظار.
إنما كانت هذه الخطة من عمل (هدلار) رئيس أركان الحرب، وقد اعتمدها هتلر بعد مراجعتها، وكانت في مبدأ وضعها شبيهة بالخطة التي غزيت بها فرنسا من ناحية بلجيكا في الحرب العالمية الأولى.
ولكن ضابطا شابا علم بهذه الخطة فانتقدها، وقال إنها مكشوفة يسهل تقديرها واتقاءها،