أوجه النقص في النظام الحاضر وأوجه الإصلاح المرتقبة
للأستاذ هاشم عساف
تعنى وزارة المعارف في الوقت الحاضر، وعلى رأسها العالم الجليل، معالي الدكتور طه حسين بك، ببحث أنظمة التعليم في البلاد، ومن بينها بغير شك التعليم الأولي ومكافحة الأمية.
ولما كنت وثيق الصلة بموضوع تعليم الكبار بوصفي مديراً لأحد المراكز الثقافية التابعة لمؤسسة الثقافة الشعبية، فإني أبادر إلى الإدلاء، فيما يلي، ببعض الملاحظات والمقترحات عساها تلقى بعض الاعتبار لدى ولاة الأمور عند النظر في هذا الموضوع الخطير
١ - الواقع أن جميع من ينطبق عليهم قانون مكافحة الأمية، هم من الفقراء الذين لم تساعدهم ظروفهم في السنين الأولى من حياتهم على الالتحاق بالمدارس الأولية، وهي بالمجان، إما لجهل والديهم بقيمة التعليم، أو لحاجتهم إليهم في اكتساب القليل من القروش لمعاونتهم في معاشهم، أو لفقد عائليهم واضطرارهم إلى كسب قوتهم مبكرين. وحسبنا لإدراك ما هم فيه من فقر أن نعلم أنهم لم يكونوا ليستطيعوا، إبان طفولتهم، الاستغناء عن ساعات يقضونها كل يوم في المدارس الأولية؛ فكيف بهم الآن وقد أصبحوا يافعين، وقويت سواعدهم على العمل، واشتدت حاجتهم لكسب القوت؟
٢ - المعروف حتى الآن أن الجهات الرسمية مازالت تنظر إلى مكافحة الأمية من معناها الضيق. أي أنها تقصرها على معرة القراءة والكتابة، وتجعل ذلك غاية لا وسيلة؛ فالطالب في هذه السن، وحالته المادية كما ذرت، غالباً ما يكون مرهقاً بالعمال والكد في سبيل العيش لنفسه ولمن يعول، فلن تجديه المدة التي يقضيها في التعليم نفعاً سواء أطالت أم قصرت، والتعليم على هذه الصورة المعهودة من الجفاف، وهو إذ يذهب إلى المدرسة يذهب مرغماً بحكم القانون، ولكنه يتمنى أن يترك وشأنه ليستغل هذا الوقت في اكتساب قرش أكثر له ولعياله بدلا من ضياعه سدى في شيء يراه كمالياً بالنسبة لحالته. وكأني به يحدث نفسه فيقول: (ما هي الفائدة التي سوف تعود على من تعلم القراءة والكتابة؟ أهي في قراءة الكتب والجرائد والمجلات؟ أم هي في تحرير الرسائل وإمساك الدفاتر؟. إنني في