للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

مكتب البريد

للقصص الروسي تشيكوف

بقلم الأستاذ حسين أحمد أمين

ذهبنا بالأمس نشيع جنازة زوجة وكيل مكتب البريد، سلادكوبرزوف؛ وبعد أن دفنا المتوفاة قصدنا جميعا - كما هي عادة آبائنا وأجدادنا من قبل - إلى مكتب البريد، نتذاكر محاسن السيدة

وعندما وضعت الفطيرة أمامنا على المائدة صاح وكيل المكتب العجوز بمرارة: ألا ترون كيف يشبه هذا اللون الأحمر للفطيرة خدي زوجتي الحبيبة؟

وأمنت الجماعة على قوله: (أجل. . هذا حق. . لقد كانت جميلة فاتنة!) قال: (نعم لقد ذهل كل من رآها لجمالها. . ولكن، أيها السادة، لا تحسبوا أنني أحببتها لجمالها أو لرقة شمائلها؛ فهذه الصفات تعلق دائما بطبيعة المرأة؛ وكثيرا ما نجدها واضحة في أكثر النساء. . إنني أحببتها لصفة أخرى فيها. . أحببتها - رحمها الله - لأنها على رغم حيويتها ومرحها وعبثها - ظلت مخلصة لي. . مخلصة لي وأنا في الستين وكانت هي في العشرين.

وتنحنح الحانوتي - وهو جالس إلى الطعام معنا - حين سمع هذا القول. . فاستدار إليه وكيل المكتب العجوز وقال: (أخالك لا تصدق ما أقول. .) فأجاب الحانوتي في اضطراب وتلعثم: معاذ الله يا سيدي أن أكذب قولك. . غير أن النساء الصغيرات كما تعلمون - قد أصبحن ولاهم لهن إلا اجتذاب العاشقين إليهن)

قال الأرمل: إنك لا تصدق. . ولكني سأثبت لك صحة قولي. . لقد ضمنت وفاءها لي بطرق استراتيجية مختلفة. . فبسلوكي وحيري أصبحت زوجتي غير قادرة على خيانتي. . والحيلة هي الوسيلة التي اتبعتها لكي أصون فراش الزوجية من الدنس.

ففي جعبتي بضع كلمات إذا تفوهت بها كان لي أن أنام هانئا مطمئنا إلى أن زوجتي لا تخونني. .)

(وما هي هذه الكلمات؟)

<<  <  ج:
ص:  >  >>