ذهبنا بالأمس نشيع جنازة زوجة وكيل مكتب البريد، سلادكوبرزوف؛ وبعد أن دفنا المتوفاة قصدنا جميعا - كما هي عادة آبائنا وأجدادنا من قبل - إلى مكتب البريد، نتذاكر محاسن السيدة
وعندما وضعت الفطيرة أمامنا على المائدة صاح وكيل المكتب العجوز بمرارة: ألا ترون كيف يشبه هذا اللون الأحمر للفطيرة خدي زوجتي الحبيبة؟
وأمنت الجماعة على قوله:(أجل. . هذا حق. . لقد كانت جميلة فاتنة!) قال: (نعم لقد ذهل كل من رآها لجمالها. . ولكن، أيها السادة، لا تحسبوا أنني أحببتها لجمالها أو لرقة شمائلها؛ فهذه الصفات تعلق دائما بطبيعة المرأة؛ وكثيرا ما نجدها واضحة في أكثر النساء. . إنني أحببتها لصفة أخرى فيها. . أحببتها - رحمها الله - لأنها على رغم حيويتها ومرحها وعبثها - ظلت مخلصة لي. . مخلصة لي وأنا في الستين وكانت هي في العشرين.
وتنحنح الحانوتي - وهو جالس إلى الطعام معنا - حين سمع هذا القول. . فاستدار إليه وكيل المكتب العجوز وقال: (أخالك لا تصدق ما أقول. .) فأجاب الحانوتي في اضطراب وتلعثم: معاذ الله يا سيدي أن أكذب قولك. . غير أن النساء الصغيرات كما تعلمون - قد أصبحن ولاهم لهن إلا اجتذاب العاشقين إليهن)
قال الأرمل: إنك لا تصدق. . ولكني سأثبت لك صحة قولي. . لقد ضمنت وفاءها لي بطرق استراتيجية مختلفة. . فبسلوكي وحيري أصبحت زوجتي غير قادرة على خيانتي. . والحيلة هي الوسيلة التي اتبعتها لكي أصون فراش الزوجية من الدنس.
ففي جعبتي بضع كلمات إذا تفوهت بها كان لي أن أنام هانئا مطمئنا إلى أن زوجتي لا تخونني. .)