كان يقطن في بلدة أرامينو بإيطاليا تاجر غني متزوج من سيدة جميلة صغيرة السن. وكان هذا الزوج شديد الغيرة والقسوة على زوجته، لا لشيء إلا لأنه كان يحبها غاية الحب، ويهواها من كل قلبه هوى عنيفاً مبرحاً. فكان يظن لهذا السبب أن الناس جميعاً يحبونها كما يحبها، ويهوونها كما يهواها، وإنها تبادلهم إعجاباً بإعجاب، وافتتاناً بافتتان! ومن هنا نشأت غيرته العمياء عليها، وتولد في قلبه الخوف والقلق من حسنها الذي كان يخلب الألباب ويستهوي الأفئدة. فكان يراقبها مراقبة شديدة ويمنعها من الذهاب إلى الكنائس والولائم والحفلات العامة، بل لقد بلغت به الغيرة إلى حد إنه كان يمنعها من الخروج في المواسم والأعياد التي كان يحتفل بها عامة الشعب، فكان ذلك سبباً في تنغيص حياتها وتكدير صفوها.
وهداها التفكير أخيراً إلى أن تقابل هذا العدوان وتلك القسوة بمثلها. ففي أحد الأيام وقعت عيناها على شاب جميل وسيم الطلعة يقطن في المنزل الملاصق لمنزلها. وقد استرعى هذا الشاب انتباهها قبل ذلك عدة مرات، ولكنها لم تكن تعيره أدنى التفات، ولم يخطر ببالها أن تهتم بغير زوجها في يوم من الأيام، حتى إذا ما طفح الكيل، وبلغت غيرته وقسوته أقصى حدودهما، لم تستطع السيدة صبراً أكثر من ذلك، فأخذت تبحث في جدران مسكنها علها تعثر على ثغرة يمكنها أن تخاطب هذا الشاب بواسطتها، لتذهب عن نفسها ذلك الملل الذي كانت تحس به من جراء حبسها في المنزل آناء الليل وأطراف النهار. وهداها البحث أخيراً إلى العثور على ثغرة صغيرة في إحدى الغرف الخلفية لمسكنها، فسرت لهذا الكشف السعيد سروراً عظيماً وخاطبت نفسها بقولها (إذا كانت الثغرة تؤدي إلى غرفة فلبو - وهو اسم الشاب فإن خطتي لابد أن تصل إلى النجاح المنشود، والفوز المرتقب!) ولم تلبث أن دعت إليها خادمتها وكلفتها بأن تتحقق من هذا الأمر بنفسها. فعادت إليها الخادمة التي كانت