للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من هنا وهناك]

الديمقراطية والإذاعة - عن تلسكرن كوبنهاجن

الاستماع بمعناه الحق فن عظيم ليس من السهل إدراكه. وكثير من الناس يتعذر عليهم الإصغاء عن أي شيء آخر؛ وقد عملت تجارب نفسية للبحث فيما إذا كان الإنسان يفهم ويذكر ما يسمع أو ما يقرأ. وهل للكلمة المسموعة أكثر تأثيراً في النفس أو الكلمة المكتوبة. ولم يهتد إلى حل مرض في هذا الموضوع؛ ولكن انتشار المذياع ألقى ضوءاً جديداً على هذه المسألة.

فالصلة الشخصية بين المتكلم والسامع لا وجود لها في الإذاعة، إذ أن السامع لا يستفيد برؤية المذيع، والرؤية لها تأثير لا شك فيه. فأنت محتاج حين تسمع إلى تركيز ذهنك إلى حد لا تحتاجه حين ترى المتكلم وجهاً لوجه. لذلك يتحتم أن تكون الإذاعة قصيرة، ويجب أن يكون لها نظام خاص وأسلوب معين.

نحن نعيش في أزمة عظيمة لم يشهد مثلها العالم من قبل، إذ تصطدم المثل والأساليب بقوة ووحشية لم يسبق لهما مثيل. فمن الواجب والحالة هكذا أن تتحرر الإذاعة من هذه الحالة: يجب أن تعطينا صورة صادقة عن الأحوال والشؤون التي تشغل العالم، وتبين الأسباب الحقيقية لها، بصفة موضوعية بقدر المستطاع، بعيدة عن طرق الإيهام والإغراء.

على أن المذياع إذا حل محل الكتاب في التأثير على المدنية، فلغة المذياع لا تستطيع أن تجاري لغة الكتاب. وقد أوضح ذلك البروفيسور لويد جيمس فقال: إن الصحافة الإنجليزية وطدت طريقتها في الأسلوب ووسائل الإيضاح منذ مئات السنين، بينما المذياع حديث لم يتجاوز استعماله ثماني عشرة سنة. وهناك فرق كبير بين الكلمة التي تنطق والكلمة التي تقرأ. فالكلام الذي يبحث ويشرح بالكتابة على الوجه الأكمل لا يمكن أن يذاع

ويقول لويد جيمس: من الخطأ أن نظن أن أساتذة الكتابة ورجال الصحافة هم أصلح الناس للإذاعة.

ويقول: إننا نتلقى كل معارفنا على التقريب عن طريق العين، وإن ٩٠ % من معلوماتنا مأخوذ عن الكلمة المكتوبة، وقد ظهرت فجأة آلة المذياع وهي تعتمد على الأذن وحدها، وهذا تطور لا شك فيه في طرق تربيتنا وتعليمنا، ومن الواجب أن تعد له الأساليب

<<  <  ج:
ص:  >  >>