للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقارنة]

في سبيل إصلاح الأزهر

للأستاذ محمد يوسف موسى

لست في حاجة للقول بان الأستاذ الجليل الزيات قد أحسن كثيراً بفتح باب مسألة إصلاح أزهر؛ فتلك صيحة يدرك مداها البعيد وأثرها الكبير الأزهريون أنفسهم والذين يلابسونهم ويغشون أنديتهم ومجالسهم. وكان من آثارها الظاهرة ما قرأناه من كلمات ثائرة على الماضي وما ضم بين أطوائه، وأخرى هادئة رزينة يمد صاحبها بصره قبل أن ينقل قدمه عالماً أنه لا جديد لمن لا قديم له، ولا مجد لمن يتنكر لماضيه كله. ولعل أهم ما لفت النظر واسترعى الانتباه خاصَّا بهذا الأمر في عدد الرسالة الماضي رقم ٣٥٨ كلمة الأستاذ المعروف محمود الشرقاوي. فقد تناول الموضوع بأناة ورفق شأنه في أمره كله ونظر إلى الأزهر باعتباره وحدة من وحدات الثقافة العالية في مصر والعالم الإسلامي، وذلك شأن الباحث الذي لا يغفل عند بحثه الظروف والملابسات وسائر العوامل البيئية

ليس منا من لا يرجو مخلصاً أن يكون الأزهريون، طلاباً وعلماءً، مُثُلاً عالية لما يجب أن يكون عليه رجل الدين الذي يعرف واجبه ويؤديه كاملاً، لا يرجو عليه جزاءً ولا شكوراً إلا إرضاء ضميره وإحساسه بأنه رجل يحترم ما فيه من الإنسانية والرجولة. وليس منا من لا يعترف - ولو بينه وبين نفسه - بأنه دون الوصول لهذا عقبات ليس من السهل تذليلها في هذه الأيام، لعوامل لا يخفى أمدها، إلا إذا عمل كل فرد منا - بتكميل نفسه - على أن يكون من عمال الإصلاح في ظاهر أمره وخافيه قبل أن ينادي به: فيساير النهضة العلمية، ويعرف أبواب المكاتب الخاصة والعامة، ويتعرف أحوال إخوانه المسلمين والشرقيين ليحس آلامهم ويفهم آمالهم؛ وبكلمة واحدة يعيش في هذا العصر لا في العصر الخوالي وحدها. بذلك يستطيع أن يضع لبنه في بناء الأزهر الجديد على ما يود المصلحون الغيورون

ولكن هل أمن العدل أن ننعى على الأزهر وحده تخلفه أو تريثه في طريق الإصلاح، وأن نقارن بينه وحده وبين أمثاله من جامعات أوربا فنخلع عليه ثوباً قاتماً بغيضاً يصرف عنه النفوس؟ من الحق كما يقول الأستاذ الشرقاوي إن أردنا أن نقارن بين الأزهر وجامعات

<<  <  ج:
ص:  >  >>