حباكم الله، فلقد اجتمعتم في هذا الحفل الحاشد لتكريم سيرة راحل خالد كنت أحب أن أشارككم في الاحتفاء بها، فأحضر بنفسي لأرد بعض الصنيع الأدبي الذي علي لفقيد الشعر العربي المغفور له الأستاذ أحمد محرم؛ فكم له من أياد خالدات على مصر والمصريين، سوف يذكرها له تاريخ الأدب الحديث. فقد أضاف الشاعر الكبير ثروة ضخمة إلى تراثنا الأدبي كنا في أمس الحاجة إليها منذ أن ألقى سامي باشا البارودي بأعنة القيادة إلى خلفائه الفحول: شوقي وحافظ ومحرم ومطران والكاشف. رحم الله من رحلوا، ومتع الباقين بالصحة والعافية
كان شاعرنا الكبير أحمد محرم بين هؤلاء الأعلام علماً بارزاً ساهم بأوفى نصيب في بناء صرح الشعر الحديث، فتجاوبت أرجاء وادي النيل بأصداء قصائده الجياد قرابة نصف قرن، وشعره يعتبر سجلا زاخراً بشتى ألوان السياسة والاجتماع، لم يفرط في صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها من شؤون القومية الصادقة والوطنية الكريمة العاملة
وشيء واحد أريد أن أقرره لشاعرنا الكبير، كثيراً ما دار بخلدي، ولعله من خصائص شاعريته - رحمه الله - وهو بهذا الشيء يقف وحده بين سائر أئمة الشعر العربي الحديث، ذلك إنه شاعر الإسلام غير منازع في عصرنا هذا
فلقد توفر منذ حداثته على دراسة آثار الإسلام من علوم ومعارف، ولم يدرج في بيئة دراسية توجهه وتبصره بمناحي الدراسة والتحصيل
. . . فلم نسمع إنه درس في الأزهر أو أي معهد آخر، بل عكف وحده على المنابع الثرة للغة العربية من كلام الله وكلام العرب، يهديه وحي الفطرة النقية، وتدفعه نوازع المواهب الأصيلة، فشب نبتاً كريماً يرويه هذا الورد المورود حتى أينع وأخرج شطأه واستوى على سوقه
وكان لكل ذلك أعمق أثر اضطرب في نفس شاعرنا الكبير مما حداه في أخريات أيامه إلى نظم ملحمته الكبرى (الإلياذة الإسلامية) التي عارض بها (إلياذة هوميروس)، وهو بهذا