جاءته الأزمة كما عرفها، فأوى إلى فراشه وقد نسى مهمته التي ارتدى من أجلها ملابسه، يرى زوجه وبينه يهرعون إليه بعقاقير الطبيب، فيتناول الجرعات في سكون، وهو يحس بتلك النغصة في صدره، ويشعر بحاجته الماسة إلى تنفس عميق، فلا يقوى على الزفير أو الشهيق، لأنهما يضاعفان الألم ويقربانه من عزرائيل وهو يطوف بفراشه. فيكتم الزفير ويمنع الشهيق إبقاء على سعادة أسرته، فأي مصير يحل بهم إن أتم عزرائيل مهمته في إحدى تلك الأزمات؟
ربما ينفذها في هذه الأزمة، وربما ينفذها في مرة تالية، وقد يهادنه مدة طويلة. ولكن أحمد بك كان يحس بجناحي ملك الموت تصفقان حوله كلما واتته أزمة الذبحة الصدرية، فيشفق على سعادة أسرته أكثر مما يشفق على نفسه!
وفي كل مرة كان ينظر إلى عقاقير الأطباء، فيعجب لعجزها، وتتولاه الدهشة لقصر يده ويد الطب عن إزالة غمته، واستقرار أمنة، ومستقبل عائلته. لم يدخر أحمد بك - كما حلا لي أن أسميه - وسعا في استشارات الأطباء والخضوع لوصاياهم، فقلل من نشاطه كما أمر، وداوم استعمال العقاقير، وهو يعرف أنها قد تأتيه بشر آخر، لأن الطب لم يعرف علاجاً أو مسكناً يهدئ العلة بغير أن يترك أثراً جديداً مؤذياً!
وهو يدرك تمام الإدراك أن العقاقير التي يتناولها تزيد ضربات قلبه وتضعفه، وتقلل ضغط