أما رسالة الزعيم فهي أن يوجه أعمال الآخرين. ومن المحتوم عليه أن يعلم إلى أي هدف يتجه بهم. وأعظم صفات الزعيم أهمية أن يكون ذا إرادة قوية يجب أن يعرف كيف يقر المبادئ ويتخذ المقررات وكيف يضطلع بمسئوليتها. ومن الطبيعي أن يحيط علما بالظروف وأن يزنها حق الوزن قيل أن يصل إلى أي رأي. فإذا أصدر أمره وجب أن يلتزم ذلك لا يحيد عنه إلا إذا قامت في وجهه عقبة لم ينتظرها أو لا يستطيع التغلب عليها. وليس يذهب بشجاعة الناس وإقدامهم شيء كالزعيم المتردد. وقد قال نابليون (إن الحزم سيد الأعمال).
ولكي يقر الزعيم رأيه يجب أن يكون ذا شجاعة أدبية عظيمة. وقد تكون قرارات الزعيم أحيانا شديدة الأذى له. ففي بداية الحرب العالمية الأولى اضطر (جوفر) أن يعزل عددا كبيرا من قواد الحرب الذين كانوا جميعا أصدقاءه. ويقع أحيانا أن تكون التضحية بالعدد القليل من الرجال سبيلا إلى اتجاه العدد الكبير. هذا ويستطيع الزعيم أن يكون شديد بل من الواجب أن يكون كذلك. على أنه ليس من حقه أن يكون سيئ النية أو فظا أو منتقما، كما أن من واجبه أن يعرض عن القيل والقال بل أن يمنع القيل والقال ما استطاع.
ومن الضروري أن يكون حوله عدد من المساعدين المخلصين الذين يستطيعون أن يعرفوا المسائل الثانوية. ويجب أن يعلو على الصفائر فلا يغرق في التفاصيل. ولكي ينفذ أوامره يضطلع بالعمل مساعدوه الذين اختارهم والذين يثق بهم كل الثقة. فهو يأذن لهم بالعمل بحرية ويكتفي بالإشراف، عن طريق التدقيق بين آونة وأخرى في صحة البيانات التي يدلون له بها. قيل للجنرال ليوتي: ما الذي تقوم به أنت؟ فقال (إني مهندس الأفكار العامة). إن القائد الخبير يعرف أنه لا يستطيع أن يدخل في تفاصيل ما يقوم به كل واحد من أعوانه. ويصح هذا بصورة خاصة في المسائل الاقتصادية، فهنا يجب أن يحصر نفسه في بيان الخطط العامة وفي التجديد في أن المصلحة الخاصة يجب أن تخضع للمصلحة العامة. وهو لا يعمد إلى خطة تصدم الملايين فتؤول إلى مقاومة الأكثرية منها. إن ضابط حركة