إن الضيافة فضيلة في الشرقيين تثير الإعجاب الحق للغاية. ويستحق المصريون من أجلها كل ثناء. ويطلق عادة على الزائر أو الضيف في مصر كلمة (مسافر). وقل في مصر من يفكر في تناول طعامه وفي بيته غريب دون أن يدعوه إلى مؤاكلته إلا إذا كان المدعو من طبقة دنيا فيدعى إلى مائدة الخدم. ويعتبر امتناع المسلم عن الأمر بإعداد المائدة في الوقت المعتاد لأن زائراً دخل عرضاً، مخالفة فاضحة للآداب. ويتناول أفراد الطبقة الوسطى عشاءهم أحياناً أمام أبواب دارهم عندما يعيشون منفردين، فيدعون كل عابر جليل الهيئة ليأكل معهم. ويفعل هذا عادة أفراد الطبقة الدنيا. والاستضافة في المدن نادرة لأن فيها وكالات أو خانات يستطيع الغرباء المبيت فيها. كما أن الحصول على الطعام فيها أمر هين. أما في القرى فكثيراً ما يضيف المسافرين شيخ القرية أو غيره من السكان؛ وفي العادة أن يقدم الضيف من الطبقتين العليا والوسطى عطية إلى خدم المضيف أو إلى المضيف نفسه. ولكن يندر أن تقبل عطية الضيف في البادية. وللمسافر أن يستقري، بموجب السنة، من يستطيع أن يقريه ثلاثة أيام. وتقدم لنا التوراة في قصة إبراهيم وإضافته الملائكة الثلاثة صورة كاملة للطريقة التي يستقبل بها الشيخ البدوي الآن الوافدين على مخيمه. فهو يأمر زوجه أو نساءه بعمل الخبز في الحال، ثم يذبح نعجة أو غيرها ويطهيها على عجل، ثم يحضر لبناً أو أي طعام آخر مهيأ فيقدمهما لضيوفه مع الخبز واللحم الذي أعده. ويقف البدوي بين أيدي عظماء الضيوف أثناء تناولهم الطعام كما فعل إبراهيم في القصة المشار إليها. ويكاد أغلب البدو يؤثرون الضيم على أن يرضوا بالإساءة