للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

رجل وامرأة

للكاتب الفرنسي لوي جربيو

(هذه ليست قصة بالمعنى المقصود منها، ولكنها صورة

صادقة من صورة الحياة التي نجدها في كل بقعة من بقاع

العالم وفي كل زمان من أزمنته)

(المترجم)

كان الدرج يؤدي إلى الفناء، وقد جلست المرأة بأسفله تبكي وتنتحب طول الصباح. كانت في منتصف العقد الرابع من عمرها سمراء ممشوقة القد ضعيفة البنية، وظلت تنشج بالبكاء، وتتمتم بكلمات مبهمة كأنها تتوعد من حولها. وكم ذهب إليها الجيران يحاولون الترفيه عنها وإرشادها إلى عين العقل دون جدوى. كانوا يقولون لها: لا يصح أن تثوري كل هذه الثورة. من الأفضل لك أن تصعدي إلى شقتك. إنك ستصدعين رأسك ببكائك المتواصل. (وهل يجدي البكاء؟) ولكها كانت تجلس وكأنها لا تعي كلماتهم. ما شانهم في ذلك؟ أليست هي حرة تفعل ما تشاء؟ وصاحت في أعماق نفسها (لقد سئمت كل شيء).

وكانت أحياناً ترتكن برأسها على السور الحديدي للدرج تحاول النوم دون جدوى. ثم تخفي وجهها بين يديها وتبكي في حرارة، فيسيل الدمع من بين أصابعها كما يسيل الماء من نبع لا ينضب. وتأوهت، ثم انتابها موجة من الصمت وهي تتلفت حولها بلا غاية. وأخيراً جلست دون حراك وقد أرتكن ذقنها على راحة يدها، ومرفقها على ركبتيها في ذلك الوضع الذي يفضله الرجل عندما يؤوب من عمله. أن هذا أول ناحية من نواحي انتقامها. لقد طافت بها الأفكار منذ أن بدأ الشجار إلى أن تحول هذا التحول على أية حال، ليس الآن إلا التفكير فيما قد حدث.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي لجأت فيها إلى الدرج. كم كان ذلك يغضبه أشد الغضب. ولكن. . . أليس هذه ما توده هي؟. . لم تستطع الإجابة على هذا السؤال. لقد كان من

<<  <  ج:
ص:  >  >>