بعدد المصور الصادر في الثالث عشر من هذا الشهر أقصوصة للسيدة أمينة السعيد بعنوان (يقظة) ما كدت استرسل في قراءتها حتى ذكرت أنني قرأتها قبل ذلك في لغة غير اللغة العربية. ورجعت إلى مكتبتي فوقعت على المجلة المنشورة بها القصة وهي مجلة سينمائية معروفة بإسم بعددها رقم ٤٠٥ من المجلد السادس عشر الصادر في الخامس من شهر فبراير سنة ١٩٢٧ وقد عرضت منذ سنوات على الستار الفضي بعنوان الأحمق
وما نأخذه على السيدة أمينة السعيد نأخذه كذلك على جمهرة القصصيين المصريين الذين يسقطون على القصص الأجنبي فيتناولونه بالمسخ والتشويه حتى غدت هذه الظاهرة من الظاهرات السخيفة الجديرة بالمحاربة ضناً على مجتمعنا من تلقيحه بالعادات الغربية والأخلاق الأجنبية - ذلك أننا نرى الواحد من هؤلاء القصصيين ينقل القصة الإفرنجية مع تغير لا يتناول غير أسماء الشخوص؛ فهي في القصة الأصلية شخوص أجنبية وفي القصة المنقولة شخوص مصرية؛ ولكن الناقل يفوته أن الشخوص المنقولة شخوص باهتة والجو الأجنبي يشي بالسرقة فتبدو القصة على الجهد المبذول لإخفاء السرقة أجنبية لحماً ودما.
ففي قصة (يقظة) التي نقلها السيدة أمينة السعيد عن قصة (الأحمق) السينمائية إخفاق تام في عرض الفكرة السيكولوجية التي تدور عليها حوادث القصة وهي فكرة (الخوف) وكيفية قهره على سند من علم النفس. . . هذا فضلاً عن أن (بارى) بطل القصة الأجنبية لم تستطع براعة الناقلة أن تجعله أحمد أو حسناً عند ما خلعت عن رأسه القبعة ووضعت عليه الطربوش للاختلاف الكبير بين العادات المصرية والأجنبية، ذلك الاختلاف الذي ظهر واضحاً في سلسلة الحوادث المفتعلة التي ساقتها والتي انتهت بمشهد التلاحم بالأيدي والأرجل في ناد راق من الأندية الرياضية الذي ينتظم في سلكه الجنسين؟.
. . وثمة بدهية أولية في فن القصة يجهلها أكثر النقلة عندنا وهي أن هذا الفن يقوم على دعامتين: دعامة الفن ودعامة الشخصية. . فلئن صح أن استطاع الناقل أن ينقل القصة نقلا سليما من الوجهة الفنية فإنه لا مشاحة ملغ شخصيته لأنه إنما ينقل شخصيات الكتاب الذين ينقل عنهم، وهكذا لا تكون له شخصية مستقلة أبداً. . . وهذا هو السر في أن أكثر