كتابنا القصصيين ليست لهم شخصيات متميزة. . . وهو السر أيضاً في ضعف القصة عندنا. . .
كمال رستم
في محيط التربية:(بين الرغبة والرهبة)
بعد تلك المناقشات التي دارت بين رجال التربية في مشاكل الأطفال والشباب وها قد وضح الداء وأستفحل ولم نصل بعد إلى الدواء فقد عز وندر، مما يجعلني أنظر إلى الوراء قليلا فأسطر مأخوذاً بموقف آبائنا من المربين في تربيتهم وطرق تأديتهم، وما كان لهم من أثر ملحوظ، وهمة مشكورة، وروحانية شاملة.
ولا أكون مغالياً إذا قلت: إن المربين في العصور السابقة كانت لهم شخصيات خاصة تمتاز بالفراسة المبنية على التجارب دون الاستعانة بعلم النفس أو بغيره من العلوم الحديثة.
ذلك أنهم كانوا يأخذون بالشدة ومن غير هوادة أو لين من يرونه بالبداهة جامد الحس بليد الذهن تصلحه العصا وما يتبعها من توبيخ وتقريع، ويتركون غيره المزمن يصقله ويهذبه ممن يلمسون فيه نوعا من الفهم والحذق تلهبه البشاشة وتزكيه الكلمة الطيبة الصغيرة والمعاملة الحسنة التي تشير من طرف خفي إلى محاسن الأخلاق والعادات.
ويزداد عجبي أن تسير تلك النظرة بخطة ثابتة على مر العصور تفتش وتستوعب بل وتعالج ذلك التنافر والتباين بين الأطفال من كل طبقة ووسط.
ولقد كانت تلك النظرة الممزوجة بالفراسة، هي العلاج الموحي إلى عقول الأطفال، فهي تهذب وتعالج في صمت دائم، يحس بذلك الطفل، وقد نظر إليه معلمه نظرة مناسبة لحاله، تشير إلى تأنيب شديد أو عقاب صارم. وما أمر تلك الحكمة الخالدة يخاف علينا (عصا المعلم من الجنة) فتراه يحاسب نفسه) فيزن أعماله بالميزان الذي يسير عليه العالم الذي حوله.
ومن هنا يزداد الطفل إيماناً بأن لكل نفس مريضة دواءها، ولكل نفس تتوق إلى الشر والخمول عقابها، فتراه يقيس نفسه بمقياس ما يراه حوله - وتلك لعمري كانت حالنا في الأزمنة السابقة؛ أما حالنا اليوم وفي عصرنا الراهن فهو - مع الأسف الشديد - محاولة