تحتفل وزارة المعارف العمومية في التاسع والعشرين من مارس الجاري بمرور مائة عام على إنشائها، وستنظم بهذه المناسبة حفلات رياضية وتمثيلية، ويقام معرض للتعليم والتربية تستعرض فيه مراحل التعليم وتطوراته في مصر مدى قرن، ويوضع كتاب ذهبي يتضمن تاريخ التربية والتعليم في هذا القرن إلى غير ذلك مما ترى وزارة المعارف أن تتخذه للاحتفاء بعيدها المئوي. والواقع أن المناسبات والاحتفالات المئوية في تاريخ مصر الحديث قليلة، ومن الواجب أن يعتني بشأنها وأن يحتفي بها كلما سنحت، تجديداً للذكريات القومية، وشحذاً للهمم، وتوطيداً لبناء المستقبل.
وقد مضت مائة عام كاملة منذ أنشئ (ديوان المدارس) في سنة ١٨٣٧) أنشأه مصلح مصر الكبير محمد علي، بعد أن أنشأ من قبله عدة من المدارس العالية والخصوصية، وأوفد عدة بعوث علمية إلى أوربا، وبدأت ثمار هذه السياسة المستنيرة تتفتح، ويتسع نطاق التعليم والتربية. وكان ثمة قبل إنشاء ديوان المدارس هيئة تشرف على التعليم تسمي بمجلس شورى، فرؤى أن ينظم مكانه (ديوان المدارس) الذي اصبح فيما بعد وزارة المعارف، واشترك في تنظيم الديوان المذكور عدة من رجال مصر المثقفين الذين تلقوا العلم في أوربا، وانتخب لرآسته مصطفى مختار بك أحد خريجي البعثات فكان أول رئيس أو وزير لديوان المعارف المصرية؛ وشكل للإشراف على أعمال الديوان مجلس مؤلف من عدة من النوابغ الذين يرجع إلى رأيهم في شؤون التربية مثل رفاعة بك الطهطاوي، وكلوت بك وغيرهما؛ وقام المجلس المذكور بوضع لائحة لنظم التعليم، وقرر إقامة عدد كبير من المدارس في مختلف أنحاء القطر، منها عشرات من المدارس الابتدائية الأميرية، في معظم المراكز ومئات المدارس الأولية أو الكتاتيب، وبذا وضعت أسس النهضة التعليمية في مصر الحديثة
ومما يؤثر بالفخر أن التعليم كان يومئذ في جميع المدارس على اختلاف درجاتها وأنواعها مجانيا، وكانت الحكومة تتولى الإنفاق على التلاميذ، وتعنى بإطعامهم وكسوتهم، وتجري عليهم بعض الرواتب المالية، وكان عدد تلاميذ المدارس الأميرية يومئذ يبلغ نحو العشرة