ذلك هو السؤال الذي ردده طوال السنوات الأخيرة كل فرد من أفراد الديمقراطيات (فلماذا)؟
لقد دخلت ألمانيا الحرب لمطامع أغراها بها النازيون لا أقل من أن نذكر منها سيادة العالم بما سموه النظام الجديد
ودخلت بريطانيا وأمريكا الحرب دفاعاً عن حرية العالم. ودخلت روسيا الحرب دفاعاً عن نفسها. ودخلت إيطاليا الحرب للوهم الذي علق ونما في نفوس الفاشستيين لإحياء الإمبراطورية الرومانية المنقرضة. ودخلت بلغاريا الحرب لحلم دار في خلد الطامحين من ساستها بإعادة الإمبراطورية البلغارية في البلقان على يد حليفتها البطاشة
أما رومانيا، ذلك البلد الغني، المرح، الذي خرج من الحرب العظمى بأقصى ما يمكن أن ينال المنتصر من أسلاب وبأكثر مما كانت تحلم به من أراض غنية ومناطق تزخر بالمناجم وتغص بالصناعات فما بالها تدخل حرباً لا ناقة لها فيها ولا جمل؟
ذلك هو السؤال الذي يحار العقل في الإجابة عنه إجابة منطقية واضحة.
فلنرجع بالقارئ أولاً إلى حالة رومانيا قبل الحرب العظمى نجد أنها ما كانت إلا ولاية من ولايات البلقان الشرقية ترزح تحت أثقال الماضي العثماني وتتذمر من نفوذ عنصريين كبيرين يهددان كيانها على الدوام، وهما العنصر السلافي من الشرق والعنصر الجرماني من الغرب. فكان لها إذن أن تدخل الحرب العالمية، إذ كان لسيف ديموقليس حَدّان مسلولان على رأسها، ولا سبيل إلى التخلص من كابوسه إلا بإلقاء نفسها في أحضان الحلفاء. . .
وكان ذلك هو الطريق الذي اختارت رومانيا لنفسها. فحاربت في صف الديمقراطيات الغربية، وجلست معهم على موائد الصلح في سان جرمان، وخرجت من تلك الموائد ظافرة غانمة غنماً ما كانت لتحلم به. فقد سلخ الحلفاء من روسيا إقليم بسارابيا الغني الخصب في الشرق وقدموه إليها قرباناً، كما قدموا إليها أقاليم الدبروجا في الجنوب، وقد كان من ممتلكات بلغاريا وترانسلفانيا وبوكوفينا، وقد كانتا من ممتلكات الإمبراطورية النمساوية