للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

الشيرازي يغني

سمعنا قبل ثلاث عشرة سنة على شبابة الدكتور عبد الوهاب عزام تناغيم فارس، فلقد غنى هذا الأديب الكبير أناشيد الفردوسي بلغة الضاد ونشر (الشاهنامة) عن المخطوطات التي سلك الأسفار للتنقيب فيها والحصول عليها. فأتم الترجمة النثرية التي أثرت عن (قوام الدين البنداري). ولست بسبيل الفردوسي والدكتور عزام فلهما فينة إطراب وإعجاب سيأتي بها الكتاب، وإنما هذه استهلالة يمر عليها القلم تلقاء كتاب جديد لشاعر فارس أخرجه للناس الدكتور إبراهيم أمين الشواربي المدرس بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول، وإنه لترجمة غزل لحافظ الشيرازي كتب مقدمته الدكتور طه حسين بك، فأوفي على الغاية من تحليل أدب الشيرازي كدأبه في مقدماته للكتب القيمة التي يحملها بيده إلى الجمهور لتحل بينه في المقام الكريم. وكتب الأستاذ الفاضل مترجم (أغاني شيراز) توطئة لسيرة الشاعر الفارسي وضح فيها نهج غزله، وفتح الطريق سالكة أمام القارئين، وحقق بعد ذلك في كل منسوخة أثرت لديوان الشاعر على الطريقة الجامعية في تحري المصادر وتنقية الأقوال من تصحيف الناسخين وتحريف الطابعين؛ ثم اندفع في ترجمة عربية نقية يخيل إلى قارئها أنه يرف بروحه على الأبيات لا تعتوره عقبة ولا تصدمه عقدة. إنها مقطوعات اختار لها المترجم بحوراً مزدوجة من كل جانب، ولقد كان منه هذا الازدواج أغنى للكلام في بيت وأوفر للسياق في شطر

يالها غزليات منسوجة بالصوفية كما زعم بعض النقاد، معطرة بالخمرة كما قال الشراب. وقد حار الناس في شعراء الخمر الفارسيين، إذ عرفوا عمر الخيام يسكب على نفسه الخمرة حياً وميتاً، ويشرب الصهباء بكأس من التراب ربما كانت جوانبها من فم امرأة ويدها يد إنسان، فقالوا: صوفي يشطح الشطحات. ولم يقيد الشيرازي قراءة ففتح لهم باب معانيه على مصراعيه، فمن كان منهم صوفي النزعة فهمها على هواه، ومن كان غير ذلك فهم المعنى دون لباس التصوف، وكيفما دار الأمر فإن أشعار الشيرازي خلقت للناي والمزمار، سواء أديرت بها الأذكار، أم لثمت بها الأقمار

إنها لتحفة جديدة في الأدب العربي المعاصر ضمها كتاب قيم زين بصور فنية أبدعت

<<  <  ج:
ص:  >  >>