للأستاذ مجنان رأي بديع في مستقبل الطيران يشبه الأحلام في
حلاوتها. وإذا اعتبرنا انه المستشار الفني لوزارة الهواء الفرنسية وانه
درس خمسمائة جنس من أجناس الطيور، وعددا لا يحصى له من
الحشرات الطائرة، بقصد زيادة الطيران دقة وسهولة ويسراً، وانه
قضى في تلك الدراسة نيفاً وعشرين سنة، وإذا اعتبرنا انه قص هذا
الحلم الحلو في مجمع العلوم بباريس، وان العلم كثيرا ما أتانا بأحلام لا
نلبث أن وجدناها أولت تأويلا صادقا، إذا اعتبرنا كل ذلك صغينا إلى
الأستاذ بآذان واعية وقلوب مؤمنة، إن كان بها قليل من الريبة ففيها
كثير من الأمل، وان خّفت بها غرابة ما يقترح إلى ابتسامة التكذيب،
قعدت بها ابتسامة هادئة من سرور الطمأنينة والتصديق، ذكرياتُ
غريبات كانت بالأمس فأصبحت اليوم مألوفات لا تأخذ عيناً ولا
ترهف آذناً.
يرى الأستاذ انك في المستقبل القريب عندما تريد أن تزور صديقا لن تدخل إليه من باب بيته وإنما تطرق عليه باب سطحه، ولن يكلفك ذلك إلا أن تلبس جناحين لا تزيد مساحة الجناح منهما على أربع أقدام مربعة أو خمس وتقفز من سطح بيتك في الهواء فإذا بك تطير في الفضاء على بركة الله. وإنما يشترط أن يكون بعضلك من القوة ما يحرك الجناحين بسرعة بحيث يضربان عددا من الضربات بين الثلاث عشرة والعشرين في الثانية الواحدة. بالطبع لن يستطيع ذراعان إحداث هذا العدد من الضربات في ذلك الوقت القصير، لذلك يقترح الأستاذ أن تقوم الأرجل مقام الأذرع فتضغط على بدالين كبدالات الدراجات، إنما هنا يتحركان معا. وهذان البدالان يحركان جيرا يحرك جيرا اصغر منه