للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة المكروب كيف كشفه رجاله]

ترجمة الدكتور أحمد زكي وكيل كلية العلوم

كوخ

رابع غزاة المكروب يكتشف مكروب السل

- ٦ -

إن بشلات الجمرة بشلات في المكروبات كبيرة يسهل الكشف عنها إذا هي قورنت بمكروب السل، ذلك المكروب القتال الخداع. ومكروب الجمرة يكثر في أجسام الحيوان قبيل موته كثرةً هائلة، فلا يخطئه البصر ولو لم يكن حديدا، أما مكروب السل - ولم يكن كوخ على يقين من وجود مكروب له - فقد طلبه الطالبون وتقفاه الباحثون ولكن بغير جدوى. ولو أن لوفن هوك نفسه، وهو أحد البحاث عيناً، نظر في مائة رئة مريضة، ثم نظر، ثم أعاد النظر، ما خرج من نظراته الحديدة الكثيرة على شئ. ولو ان اسبلنزاني حاول ما حاول لوفن لعجزت مجاهره عن إبلاغه تلك الغاية. أما بستور، وهو الباحث القدير، فلم تكن طرائقه من الدقة بحيث ترفع الغطاء عن هذا الفاتك الغادر. أو لعل صبره كان ينقذه دون أن يحقق شيئاً.

ولم يكن يعرف قبل كوخ من داء السل شئ كثير، فكل ما عرف عنه أنه داء تنقله مكروبات، وذلك لأمكان نقله من حيوان سقيم إلى أخر سليم. سبق إلى هذا الدليل عالم شيخ اسمه فلمان وحققه من بعده كون هايم أستاذ برسلاوة الكبيرة، فاستطاع أن ينقل داء السل إلى الأرانب، إذ أخذ فتيتة من رئة مسلولة فأدخلها في الخزانة الأمامية لعين أرنب، فأخذت أنسجة العين تتدرن، وأخذ الدرن يتمدد ينذر الموت. وظل عالمنا القدير يرقب حوادثهذه التجربة البديعة من خلال أغنية العين الشفافة فكأنما يرقب دوراً على مسرح يلعب من وراء زجاج كان كوخ قد أطلع على تجربة كون هايم، ودرسها درساً طيباً.

قال: (ليس في المقدور أن أجرب تجارب السل في آدمي، وقد أمكن الآن نقل هذا الداء إلى الحيوان، فهناك يا نفس فرصة غالية لدراسته، لكشف مكروبه، فلا بد من مكروب ينشأ عنه هذا الداء. . . .).

<<  <  ج:
ص:  >  >>