للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

البجعة

للكاتبة الإنكليزية بامبلا. هـ. جونسون

في اللحظة التي شاهدت فيها الطفلة ولاحظت هزالها وهى واقفة بجوار النافذة المستديرة، ويداها تعبثان بعنق التمثال الخزفي للبجعة البيضاء، أيقنت أنها ستصير حتماً من الجميلات عندما يكتمل نموها. ولم تكن قد شعرت بوجودي، فوقفت ساكناً بجوار باب الغرفة أتأملها في إمعان.

كانت سنها - على ما أعتقد - تتراوح بين الحادية عشرة وكانت - إذا عن لي أن أحكم عليها - أكثر شبهاً بوالدتها جلاديس من صورة أبيها توم، تلك الصورة التي شاهدتها معلقة في المطبخ. ولاحظت أن أطرافها نامية نمواً ملحوظاً، وعينيها واسعتان بالنسبة إلى وجهها، ترتدي مئزراً قديم الطراز أبيض اللون قصير الأكمام، يتحلى بزركشة وزخارف من (الدانتيلا) على حافته. وكان نظيفاً على خلاف ردائها الداخلي الداكن الذي كان يبدوا قديماً رثاً.

كانت الطفلة تحرك أصابعها بحنان على صدر البجعة وجناحيها. وبدت كأنها معجبة بذلك التمثال المصقول، فكانت تتأمله وكأنها خبيرة بفنه وجماله. وكان شعرها مشدوداً خلف جبهتها الصغيرة البارزة، وقد انعقد بشريط أبيض. ولعلي أحدثت حركة بسيطة، فقد التفتت الطفلة ناحيتي ونظرت إلي، ثم فارقتها في الحال روح الطمأنينة، ودفعت بالبجعة خلف ستار، ثم جعلت تمسح يديها في مئزرها - وكان في بياض الثلج - فتترك فيه أثراً خفيفاً من قذارة يديها. وبدت أسنانها من بين شفتيها وتراجعت كما لو أنها ستختفي كما (أليس) خلال المرآة.

ولم أتفوه بكلمة وأنا أتأمل ذلك الجمال المنتظر. حقاً، لقد كانت أكثر شبهاً بجلاديس من توم. كانت تشبه جلاديس التي كنت أعهدها منذ زمن بعيد، لا تلك التي أعرفها الآن. ولم تصرف الطفلة عينيها عن وجهي، في الوقت الذي كانت فيه تتحسس الحائط خلفها، وتتحرك في تلصص بجواره وقد تصلب ظهرها. فقلت (تعالى. لا تذهبي) فشهقت شهقة قصيرة من الرعب، ولكني تقدمت إليها وقبضت على معصميها، وانحنت في ذات الوقت

<<  <  ج:
ص:  >  >>