يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .
- ٢٠ -
وجاء يوم الرحيل وآن لفتى الأحراج أن يؤدي رسالته. . . آن لابن النجار أن يأخذ بيديه أزمة الحكم في قومه؛ وتأهب ليواجه العاصفة، وإنه ليراها اليوم عاصفة دونها تلك العواصف التي طالما هبت في الغابة هوجاء عاتية، فزعزعت باسقات الدوح وشعثت كثيفات الألفاف وأفزعت الرجال والدواب. . . إنه يراها اليوم عاصفة من عمل الإنسان لا من عمل الطبيعة، وما أهول ما يفعل بنو الإنسان حين ينسون إنسانيتهم فتستيقظ فيهم غرائزهم التي دبت فيهم أول ما دبوا على هذه الأرض. . .
عول على الرحيل (الرجل القادم من الغرب) كما اعتاد أن يسميه أهل العاصمة وغيرهم من أهل المدن الشرقية السابقة في المدنية. . . وتقدم الربان ليقود السفينة ودوى الأنواء في مسمعيه
ذهب مساء اليوم السالف ليوم رحيله إلى مقر عمله في المحاماة فجمع طائفة من الكتب والأوراق فلفها وربطها بيده وحملها معه ثم أوصى أن تظل الرقعة التي تحمل اسمه واسم زميله هرندن حيث هي على الباب قائلاً: إنه عائد - إن مد في أجله بعد انقضاء مدته في الرياسة - إلى عمله في المحاماة كأن لم يكن هناك شيء
وكان قد حزم متاعه وأعد كل شيء ليكون على أهبة إذا تنفس الصبح، وأعد فيما أعد خطاباً يذيعه في الناس ساعة الاحتفال بتسلمه مقاليد الأمور، ولقد احتفل لهذا الخطاب وكانت معانيه محتبسة في نفسه زمناً تهدر كالسيل وتجيش وتجتمع