كان تسعة أعشار الروسيين إلى عهد قريب فلاحين، وفي سنة ١٩٤١ كان الثلثان من سكان الروسيا السوفيتية يعيشون في القرى، وكان أكثر من نصف السكان يعيشون على فلاحة الأرض، فالزراعة في روسيا كما في غيرها من البلاد سبيل للحياة لا وسيلة للعيش فقط كما يقول بذلك بافلوفسكي المؤرخ الزراعي الروسي، وقد استمرت الزراعة في الروسيا وسيلة لعيش ملايين من الخلق وسبيلا لحياتهم، أما الحياة الصناعية فإنها لا تزال وسيلة إضافية
وكان الفلاح الروسي قبل الثورة عبدا مسخرا لطبقة النبلاء والأشراف، فحرره السوفيت ووضعوه على قدم المساواة بسكان البنادر، ولا يزال الفلاح الروسي العمود الفقري للهيكل الاقتصادي السوفيتي، فهو الذي يدفع نحو ثلاثة أسباع مصروفات الدولة غير ما يدفعه من الضرائب غير المباشرة، وقد ضمنت له الحكومة مقابل ذلك حقوقه كاملة في نظام المزارع التجمعية التي هو عضة فيها، وفتحت له أبواب الفرص على مصراعيها لتثقيف نفسه وأولاده وأبعدت عنه مشاق العمل الجسماني المضني في الزراعة بإدخال الزراعة الآلية الحديثة ونظمت له الإدارة تنظيما جعله يستفيد من أوقات فراغه الكثيرة بالثقافة الريفية العامة والتعليم الزراعي. والفلاح في نظر السوفييت عامل كعامل المصنع لا يختلف عنه في شيء إلا في كونه يعمل في الهواء الطلق على نظام حساب القطعة فيختلف ما يتقاضاه من الأجر باختلاف مقدرته على الإنتاج.
وغرض السوفييت من إلغاء الزراعة الفردية التي كانت من خصائص النظام القديم القيصري وتحويلها إلى النظام الزراعي التجمعي هو أن تجول المزارع إلى مجموعة من مصانع زراعية يعمل فيها العمال تحت قبة السماء. وهذا النظام الجديد إنما هو وليد عبقرية مبتدعة لأنه نظام يجمع بين قوة الفردية ومزايا الاشتراكية، وهو نظام غير ثابت