[القمر. . .!]
للأستاذ أحمد عبد المجيد الغزالي
قلبان في نورك الهيمان يا قمرُ ... هاما، وبينهما الأشواق تستعرُ
يسترجعان الليالي بعد ما غبرتْ ... وقد تولى الندامى، وانطوى السمر
وهوَّم الصمت إلا خفْق أجنحةٍ ... من الشعاع هي الأطياف والذكَر
وعُطِّلَ النْايُ بعد الصدح واحتبست ... فيه الأغاني. . . فلا شادٍ ولا وتر
وأغْفَتِ الطيرُ في أعشاشها، وصحَا ... من حولها نسمٌ يندى به الزهَر
وأرهفت الليل للقلبين مِسْمَعَه ... قلبٌ قريرٌ، وقلبٌ كاد ينفطر
يشكو الجراح لعل النور يٌبرئها ... فلن يُضَمِّدها إلاَّك يا قمر
قلبي الذي بات يصْلَي منكَ جمرته ... وقد حبتْهُ بلذع دونَه سقر
قلبي فراشتك الحمقاءُ قد جهلتْ ... بأنها في سناك الحلو تنتحر
ترودُ في نورك الرَّقراق مصرعها ... والحبُّ أقتلُ ما يرمى به القدر
قلبي تُخادِعه أنوارُك انبثقتْ ... ذكرى تعود مع الماضي وتنحدر
يسرى مع النُّور سَبْحاً في جداوله ... حتى يكفكف من أضوائِكَ السُّحَر
صدْيانُ والنور يُروِى فيه غُلَّته ... فليس ينقعها نبع ولا نهر
هّيمان. . . والنورُ في واديك يا قمُر ... فحقق الحلم لا يُبقي ولا يذر
وقُصَّ من سور النجوى ملاحمها ... لعل تجدي لديها هذه السَّور
أقضي اللياليَ أنات مُردَّدةً ... والشاهدان علىَّ النجم والسهر
علَّ الأماني التي ولت براجعةٍ ... مع الربيع فيزهو روْضي النضر
وأصطفى مجلس في العشب أعمرُه ... وقد تقادَم فيه العهدُ والأثر
أقتاتُ زهر الربيع البكر مؤتلقاً ... بالنور حتى يكاد النور يُعتصر
أُسقاه خمراً صَفَتْ في كرمِها وزهتْ ... دُرَّيَةَ الكأسِ يخشى لمحها البصر
يا طالما بتُّ أحسوها فإن فرغت ... كأسي ففي عينها خمرٌ هي الحوَر
يا ليلة النور في السفح الظليل هنا ... هل ترجعين بما قد كنتُ أدخر
وما ادخرت سوى لقيا ضننت بها ... هنا، وكاد يحن الرمل والحجر