للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سبل التقدم في مجال العلم.

والذي يدلنا دلالة قاطعة على أن الصناعات تهيئ لعقل الجمعي لطلب العلم والاستزادة منه ذلك الإحصاء الذي يدلنا على أنه في سنة ١٥٠٠ م لم يكن من ١٠ % من شعوب أوربا الغربية حاصلين على قدر من الثقافة. وفي سنة ١٧٠٠ م ارتفعت النسبة قليلا حتى إذا جاءت سنة ١٨٠٠ م، وظهرت المنتجات الصناعية في أوربا بلغت نسبة المتعلمين نحو ٧٥ %؛ أي أنه في أقل من قرن واحد ارتفعت النسبة بمقدار ٦٥ %.

وبمقابلة بعض البلدان الصناعية بغير الصناعية يتضح مقام نصيب الصناعة في تهيئة الشعب لقبول التعليم نتيجة للعقلية الوضعية.

ففي كل من المملكة المتحدة (بريطانيا) وألمانيا واليابان لا يوجد غير ١ % لا يعرفون القراءة والكتابة. وفي أمريكا ٦ % وفرنسا ٨ % وبلجيكا ٩ % وجميعها من البلدان الصناعية.

أما في البلدان التي لم تتقدم فيها الصناعة فالأمر يختلف عن ذلك. ففي أسبانيا ٥٤ % وفي الهند ٩٠ % الخ.

من كل ما تقدم نستطيع أن نستخلص ما يلي:

١ - أن الحضارة تولد قبل أن يولد التعليم وما التعليم في الواقع إلا أداة للحضارة تستغلها لاطراد نموها وسموها.

٢ - من أكبر العوامل التي تلد الحضارة نشر الصناعة وظهور المنتجات الصناعية لما يستتبع ذلك من تكييف عقلية الشعب بالقالب الوضعي الحضاري.

٣ - الظواهر الاجتماعية وفيها ظاهرة الأمية لا يمكن القضاء عليها بقانون لان لها مراحلها الخاصة وعواملها الخاصة.

ليس إذا لب المشكلة في أمية الفلاح، وإنما في حالة الفلاح العقلية ونصيبها من قبول العلم.

فؤاد عوض واصف

ليسانسيه في علوم الفلسفية

<<  <  ج:
ص:  >  >>