للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النهضة التركية الأخيرة والموسيقى الشرقية]

بقلم عبد الحميد رفعت شيحة

قرأت بشغف عظيم ما خطه يراع الأستاذ القدير الدكتور عبد الوهاب عزام عن (النهضة التركية الأخيرة) وما تناوله من بحث ونقد أبرز الإصلاحات الكمالية بقلم نزيه مخلص يظهر منه بجلاء الأسف الشديد الذي يشاركه فيه كل شرقي يعتز بشرقيته على ما قام به الترك من قطع كل ما يصلهم بالشرق، وتجنبهم كل ما يدنيهم منه كما يتجنب السليم الأجرب. .! معتقدين أنهم بذلك يضمنون عطف الغرب عليهم، في حين أنهم لن ينالوا إلا سخرية تلك الأمم التي تقدس الشخصية والجنس

ولما لم يشر حضرة الأستاذ الدكتور إلى حملة الكماليين على الموسيقى الشرقية رأيت أن أتناول هذه الناحية بهذه الكلمة:

للموسيقى الشرقية تاريخ مجيد لم يبق خافياً على أحد. إلا أنه من الإنصاف أن نعترف بفضل الأتراك وخدمتهم لها. . فإننا لم نعد نقرأ فقط ما استحدثوه من علوم وفنون فيها، ومن اشتهر بينهم من أعلام الموسيقى، بل حفظوا لنا ثمارهم الفنية بتدوينهم لها بعد استعمالهم (النوتة الغربية)

وهم وإن كانوا إلى وقت قريب يستعملون التدوين الموسيقي على أخطاء كثيرة، إلا أنهم على كل حال قد صانوا ثروة فنية عظيمة يحق لنا أن نفخر بها أمام الموسيقى الغربية

هذب الأتراك الموسيقى الشرقية وأحدثوا بها فنوناً لم يكن للشرق عهد بها، وتبحروا في علم الأنغام ووضعوا لكل نغم شروطاً دقيقة تميزه وتظهر شخصيته بجلاء، ولهم في هذا الميدان جولات موفقة، حتى أنهم استنبطوا كثيراً من الأنغام الشائعة بيننا، ووجهوا عنايتهم كذلك إلى علم الإيقاع ووضعوا لأوزانه طريقة حديثة تدون بها، كما أن لهم فضلاً لا يستهان به في ابتكار جملة ضروب زادت من جمال الموسيقى الشرقية. هذا إلى اهتمامهم بضبط مسافات السلم الموسيقي الشرقي وعدم تركهم كبيرة ولا صغيرة في الموسيقى النظرية أو العملية إلا قتلوها بحثاً وتمحيصاً

إنه حق وفضل لا ينبغي إنكارهما. . وقد كنا إلى عهد قريب نعترف فخورين بزعامة تركيا للموسيقى الشرقية

<<  <  ج:
ص:  >  >>