للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عبد الرحمن بن الأشعث]

للأستاذ حمدي الحسيني

لم يكن في العراق رجل أبغض إلى الحجاج من عبد ارحمن ابن الأشعث لخيلائه وزهوه وطموحه وعلو همته. ولم يكن في العراق رجل أبغض إلى أين الأشعث من الحجاج لقوته وحزمه ويقظة عينه وقلبه. كان الحجاج يقول: (والله ما رأيت ابن الأشعث قط إلا أردت قتله. وقد رآه ذات يوم يختال في مشيته مزهوا فقال لبعض أصحابه: انظر إلى مشيته والله لهممت أن أضرب عنقه. فنقلت هذه القولة إلى ابن الشعث فقال: وأنا كما زعم الحجاج إن لم أحاول أن أزيله عن سلطانه فأجهد الجهد إذا طال بي وبه بقاء. ولكن كره الحجاج لابن الشعث هذا الكره ومجدته عليه كل هذه الموجدة لم تمنع الحجاج من انتدابه للأمر الخطير، وتوجيهه إياه للتغلب على الصعوبة العظيمة والخطب الجسيم

نقض روتبيل ملك الترك شروط الصلح بينه وبين المسلمين فساء ذلك الحجاج وكربه فامر عامله علي سجستان أن يغزو روتبيل فيستبيح أرضه ويهدم قلاعه ويقتل مقاتلته ويس ذريته فصدع بالأمر وغزا فتظاهر الترك أمام الغزاة بالهزيمة وما كاد المسلمون يوغلون في البلاد حتى أطبق عليهم أهلها إطباقه محكمة، فذعر المسلمون ذعرا شديداً واضطروا أن يطلبوا الصلح من رتبيل ولكن أي صلح؟ طلبوا من رتبيل أن يصلاحهم على أن يدفعوا له مبلغا عظيما من المال لقاء أن يفتتح لهم طريقا للانسحاب فانسحب المسلمون وهم في أسو حال. وصل خبر الهزيمة إلى الحجاج فقام له وقعد وبرق ورعد، فكتب إلى عبد الملك يقول إن جند أمير المؤمنين الذين بسجستان أصيبوا فلم ينج منهم إلا القليل. وقد اجترأ العدو بالذي أصابه على أهل الإسلام فدخلوا بلادهم وغلبوا على حصونهم وقصورهم. وقد أردت أن أوجه إليهم جهدا كثيفا من أهل المصرين فأحببت أن أستطلع رأي أمير المؤمنين في ذلك فإذا رأى لي بعثة ذلك الجند أمضيته، وإن لم ير ذلك فإن أمير المؤمنين أولى بجنده مع إني أتخوف إن لم يأت روتبيل ومن معه من المشركين جند كثيف عاجلا أن يستولوا على ذلك القطر كله. فأجابه عبد الملك: أتاني كتابك تذكر فيه مصاب المسلمين بسجستان وأولئك قوم كتب اللع عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وعلى الله ثوابهم. وأما ما أردت أن يأتيك فيه رأي من توجيه الجنود وإمضائها إلى ذلك القطر إلى أصيب فيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>