عزيز علينا أن يمضي أحباؤنا الذين نحبهم. . . إننا دوما نذكر ليالينا وأيامنا الجميلة، وقد أصبحت ذكرى نبكيها من حبات قلوبنا. ويوم تعود بنا الذكرى إلى الأيام الخولي يعصرنا الأسى ولا نملك إلا البكاء. . .
عزيز علينا أن نفقد إنساناً كان إلى جوارنا يعيش، وعلى أرضنا يمرح، ومن قوتنا يطعم، ثم يصبح بعد ذلك أثراً وخبراً وذكرى.
والله إنه لعزيز علينا أن نتلفت حوالينا فلا نجد إلا العذاب، ونفتش عن الجنة التي افتقدناها فلا نجد إلا الشقاء؟
عزيز علينا أن نعيش في القفر من غير قلب وناس. . أما قلبنا فقد افتقدناه عند موت قريب أو صديق، وهؤلاء الأحباء جميعاً كانوا سلوه لنا في دنيا الأسى والنحيب! كانوا بعضاً منا يصلون من أجلنا ويحبون علينا ويباركوننا ويملؤون علينا دنيانا. . . وفي خطفة البرق يذهبون ولا نملك لهم الدعاء!
وأمسكت بالجريدة ثم أرسلت الطرف الحزين أفتش عنها فسقط بصري على نعيها فحارت في مقلتي الدموع!. .
أماتت (ن)؟ وكيف يموت ذلك الشباب يا أرحم الراحمين؟ يا حسرة قلبي على الأمل الذي ضاع، والشباب العف الذي راح، وحلت في زوايا القلب ذكراه!
وكانت رحمة الله عليها تنظر إلى الحياة نظرة الطائر المعذب يلتمس الانطلاق فلا يجد إلا القيود، ويهفو إلى النور فلا يجد إلا الظلام. . . ويرغب في الحياة فلا يجد الموت. . . حتى إذا أعوزته النجاة كل جناحاه وهو في التراب!
يا ضيعة العمر ... في ذلك السجن
محبوسة الفكر ... في ميعة السن
وتركب زورق اليأس والحزن المرير:
وسار الشراع بأثقاله ... وقلب يضيق بهذا العذاب
يجوب الحياة فتمضي السنون ... وتذوي الأماني ويبلى الإهاب