للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما من شعاع ينير السبل ... ويهدي النفوس خلال الضباب

وجلست سعاة الأصيل في حديقة بيتي، ومضيت أتأمل الأزاهير ريانة تتفتح الطيور تغني وتصدح وتنهل من جمال الحياة.

وحدقت في زهرة من بعيد أتأملها وأنا حزين ملتاع. . إنها الساعة يفوح منها أريج الشباب، وتختال في نضرة العمر؛ وبعد قليل سوف تذبل وتموت وتصبح لا شيء!

وأفقت من ذهولي على صوت تردد صداه أشبه بالقذيفة انطلقت من بندقية، أعقبه أنين خافت ابتلعه السكون، ففزعت وتلفت حوالي أرى من عكر ذلك السكون، وأنا مضطرب لهيف، فثبت بصري على خيط من دماء تنسكب من الطائر الكناري المسكين وهو ملقى بين جدران القفص! وأدركت عبث الأيام وصروف الدهر، وقد لمحت من بعيد صياد! يبعث ببندقيته بين يديه!

كانت (ن) طيب الله ثراها أشبه بهذا الطائر المسكين، تنشق عبير الحياة، وهي ترسف في الأغلال، وكانت وكانت ثم عدا عليها الموت فأصبحت لا شيء!

يا لقسوة الحياة! أتثوي (ن) في قبرها المظلم، وقد غلقت وراءها أمانيها ودنياها!؟ ولن يشرق عليها بعد ذلك صباح، ولن يغمرها شعاع شمس أو ضياء قمر.

كانت يرحمها الله شاعرة دقيقة الحس، فياضة الشعور، تتشوق إلى الحياة، وتصبو إلى الأمل الباسم، والمستقبل الزاهر ولكنها تنظر بعين اليأس نحو مقبل الأيام:

يقولون في الغد يأتي الهناء ... ترى أين ذاك الغد المنتظر

أيقبل بعد الشتاء النعيم ... كما يقبل الصحو بعد المطر

إذا كان هذا نظام القضاء ... أصبحت أسعد من البشر

ولكنني قد رأيت الزمان ... أصم السريرة أعمى البصر

وبرغم ذلك فهي تناضل في سبيل السمو والمجد وتود أن تنالهما من أنهار الشعر، وقد نضر حواشيها الضمير والوفاء والشباب غير عابثة بمن يزرع طريقها بالأشواك:

وقلنا سلاحك هل من سلاح ... لديك به تقهرين العباب

طريقك أختاه وعر طويل ... وسوف تلاقين شتى الصعاب

فقلت سلاحي صدق الوفاء ... وهذا الطموح وهذا الشباب

<<  <  ج:
ص:  >  >>