انتهى سلطان غاندي في الهند وظهرت حقيقة الزعيم الذي كان بريق شهرته يخطف الأبصار. وفي الحق لقد كان الناس معذورين في إعجابهم بغاندي، لا سيما أيام إعلانه العصيان المدني وصبره الجميل لبطش نائب الملك وغطرسة الحكام الإنجليز؛ فلما فشل العصيان المدني ورأى الهنود أن غاندي كان يسخرهم في تيه لا طائل وراءه، هب الشباب في أنحاء الهند يسخطون على المهاتما ولم يبالوا أن يلتفوا حول جوهر لال نهرو. وزهدهم في غاندي انغماسه الشديد في الهندوكية، ودفاعه الحار عن تعاليمها التي هي سبب نكبة الهندوكيين. وغاندي برهمي سخيف العقيدة، فهو مؤمن سني يقدس البقرة ويتبرك بروثها بل يتطهر به، وهو لذلك لا يرى مانعا من أن تترك ٧٠ مليون بقرة سائمة، لا يستطيع أحد أن يطردها من حقله إذا عاثت فيه أو نفشت في زرعه. ويدعي غاندي أنه انصرف عن الميدان السياسي إلى نصرة المنبوذين وتخليصهم، وكان ادعاؤه ذلك جميلاً لو أنه عمل به، ولكن غاندي، بدلاً من أن يوصي بالمنبوذين خيراً ويكف عنهم أذى البراهمة أوصاهم بالصبر على هذا الأذى. . . لأن الدين يأمر بذلك. . . وهو يقول أن الدين يأمر بذلك، ويعلم أن الفيدا - كتاب البراهمة المقدس - لم يرد فيه سطر واحد يهون فيه من شأن هذه الطبقة البائسة. وبذلك كان غاندي ضغثا على المنبوذين، وكان موقفه الموئس سبباً في ثورة الدكتور امبيدكار - زعيم المنبوزين - عليه وتصميمه على الانحياز بإخوانه، وهم سبعون مليوناً - إما إلى المسلمين وإما إلى السيخ.
ولكن المضحك من أمر غاندي هو انهيار ماضيه العظيم وتربيته العالية تلقاء خرافات الصوفية البرهمية التي لا تطاق. فقد حدث أن زلزلت الأرض زلزالها في الهند وانخسف جانب عظيم من الأرض، فما كان من غاندي إلا أن عزا الزلزال إلى غضب الآلهة؟! واحنق بذلك أديب الهند الكبير طاغور. وحدث مرة ثانية أن اجتاح الهند طاعون قتال، فأوصت الحكومة بوجوب محاربة الفيران لأنها اكبر الوسائل في نقل ميكروب هذا المرض. . . فما كان من غاندي إلا أن هب يحمي الفيران ويناضل عنها (لأنها مخلوقات ضعيفة لا حول لها وهي لا تستحق التعذيب والقتل لكي يسعد الناس، والطاعون قضاء من