للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[للذكرى والتاريخ]

طيبة تستقبل فرعون مصر

للكاتب الفرنسي تيوفيل جونييه

في كتاب قصة المومياء (إلى جانب المصريين نحن حقاً

برابرة) - تيوفيل جوتيه -

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

أف، تلك المدينة الضخمة الواسعة، لم تعد تضم بين أحضانها إلا المرضى والعجزة والمسنين الذين لم يعودوا بعد قادرين على الحركة، والعبيد المكلفين بحراسة المنازل؛ ففي الشوارع والميادين، وطرق أبي الهول، وأقواس المعابد والأرصفة، يجري سيل من الناس متجه إلى النيل؛ ويزخرف هذا الجمع الحاشد اختلاف عجيب، فالمصريون يكونون الأعظم، ويعرفون بسمات وجوههم النقية، وبقامتهم الرشيقة العالية، وبثيابهم من الكتان الدقيق، ومناطقهم المثناة باعتناء، وبعضهم يلف رأسه بنسيج ذي خطوط زرق أو خضر، ووسطهم مشدود بسراويل ضيقة، وظهرهم عار له لون الصلصال المحروق

في هذا الجمهور الوطني تظهر نماذج مختلفة لأجناس أجنبية: فزنوج أعالي النيل سود كآلهة من البازلت، أذرعهم مطوقة بحلقات كبيرة من العاج، وتتأرجح في آذانهم حلي بربرية؛ والأثيوبيون ذوو الألوان البرنزية، والسحنات النافرة، قلقون برغمهم في هذه الحضارة كأنهم حيوانات متوحشة في وضح النهار؛ والأسيويون يعرفون بلونهم الأصفر الرائق، وعيونهم الزرق، ولحاهم المجعدة على شكل حلزوني، ويعصبون رءوسهم بقلانس مثبتة بعصائب، ويلبسون أردية مطرزة ذات أهداب؛ أما اليونانيون فيرتدون جلود لحيوانات يعلقونها بعواتقهم، ويتركون أذرعتهم وسيقانهم الموشومة وشماً غربياً، ويحملون ريش طير فوق رءوسهم التي يتدلى منها ضفيرتان، تصيران واحدة تنظم على هيئة قرط على الصدغ

في وسط هذا الزحام يمشي الرهبان عليهم الهيبة والوقار رؤوسهم محلوقة، ويلفون أجسامهم بجلد النمر، بحيث يبدو فم الحيوان كأنه مشبك حزام، وفي أقدامهم أحذيتهم، وبأيديهم عصى

<<  <  ج:
ص:  >  >>