أيام العصر الذهبي لشركة ترقية التمثيل العربي، أخرجت هذه الشركة رواية عن (محمد علي الكبير). وأسرفت الشركة في الإنفاق على إخراج هذه الرواية إسرافاً كان يريد أن يناسب ذكرى ذلك الأسد الذي جاء مصر جندياً صغيراً ثم استولى عليها بأخلاقه وعقله وشخصيته، ثم نفخ فيها من هذه الأخلاق وهذا العقل وهذه الشخصية الملكية ما استطاعت مصر أن تستولي به على غيرها من جاراتها القريبات والبعيدات، حتى لقد هجمت على تركيا الشائخة بقوتها الفتية الحقة، وحتى لم تجد تركيا مفراً من أن تستنجد بإنجلترا وفرنسا، وروسيا أيضاً على ما أظن، لتقف هذه الدول مجتمعة تيار الهجمة المصرية الجارفة. . .
هذه الذكرى الجبارة، أرادت شركة ترقية التمثيل العربي أن تخلدها برواية (محمد علي الكبير) فلم تأل جهداً في إعداد العدة لها، ولقد استعانت الشركة أيامها بالسراي الملكية نفسها، فاستأذنتها في أن يطلع مندوبون منها على مخلفات محمد علي الكبير في متحف القصر، وأن يأخذوا لها صوراً ورسوماً ما أرادوا ذلك، وكان أن تم كل الاستعداد على أكمل الوجوه، وكان أن وعد المغفور له الملك الأسد المسلم فؤاد الأول بشهود التمثيل في الليلة الأولى. . .
وهنا نقف وقفة أمام طيف فؤاد الأول فقيدنا الكريم
لقد كان رحمه الله رجلاً فذاً له جلال وله رهبة. وكانت تنبعث من ذاته ملكية طبيعية تنتشر حوله كل ما اشتملته خاضع لها خضوعاً طبيعياً لا إرادة فيه، وكان فيه من الحيوية ما ينشر هذه القوة إلى أفق بعيد قد لا تستطيع شخصية أخرى أن تمد سلطانها الطبيعي إليه. وقد لحظت هذا عند ما افتتح رحمه الله الجامعة المصرية في سنة ٣١ أو ٣٢ إذ أعدت الجامعة له سر داقاً هائلاً في الفضاء الذي كان خلف كلية الآداب، وأعدت له الجامعة عرشاً