نلاحظ في الأنباء الأدبية الواردة إلينا من بعض الشقيقات العربية في هذه الأيام، وفيما يكتب من الحالة الأدبية فيها، كثرة ما يقال من مثل (أدباء الجيل الجديد) و (شعراء المدرسة الحديثة)، وقد يقابل هذا بنحو (الأدب القديم) و (الأدباء المحافظون).
وأكثر ما نجد ذلك في الحجاز، وقد وفدت علينا أخيراً طائفة من دواوين الشعر من إنتاج صفوة من الشباب الحجازيين الناهضين، حوت شعراً جديداً جذب الأنظار إلى منازل وحي الشعر العربي الأصيل. وليس عجيباً أن تترد بينهم كلمة الجديد وكلمة القديم، لأن جيل الكهولة هنالك لم يكد يتجاوز حدود عزلته للمشاركة في نهضة الأدب العصرية في سائر البلاد العربية.
وفي مصر لا نزال نرد الشعراء إلى مدارس تنسب إلى الجديد وإلى القديم، ولكن ذلك خفت حدته في السنوات الأخيرة وقل ترداده، وكان أمره مستشرياً في أوائل هذا العصر رد فعل لعنصر الجمود السابق له، ثم تهيأت الأذهان واستقرت بها الحقائق الأدبية العصرية، فتدانت المدارس واجتيزت الحدود ولم تعد بينها فروق كبيرة، واصبح الاختلاف بين الخصائص الشخصية اكثر من الاختلاف بين الخصائص المدرسية.
لذلك لم يكن الناس يتوقعون ما قاله الأستاذ العقاد عن لجنة الأدب بمجمع فؤاد الأول للغة العربية في الحفل الذي أقيم منذ أسابيع لإعلان نتيجة المسابقات الأدبية، فقد نسب الأستاذ الشعراء إلى مدرستين: ابتداعية حديثة، واتباعية سلفية، على أن الأستاذ نفسه أشار إلى متاخمة المدرستين واقتراب خصائصهما.
وقد قرأت أخيراً من الدواوين الحجازية الجديدة ما يسوغ لي أن أسجل هنا أن الشعر الحجازي الجديد لا يلتزم حدود مدرسة معينة، وهو يسير في ركب الأدب العربي الحديث مقاربا ًومؤاخياً، وأن الشعراء الشباب هناك ليس بينهم وبين أمثالهم في مصر وفي سائر البلدان العربية كبير اختلاف إلا فيما لابد منه بعض السمات المحلية.
الشعر والاستعمار:
ذكرنا ما قال الأستاذ احمد أمين بك الذي كتبه في عدد (الثقافة) الخير بعنوان (الأدب