لمناسبة اهتمام معالي وزير المعارف بأمر الثقافة الإسلامية. . . . . .
. . .
للأستاذ إبراهيم جمعة
ثقافة العرب الجاهليين - العرب يستقبلون الإسلام أبعد ما يكونون عن علم أو فلسفة - أثر اليهود والنصارى فيهم - أثر النساطرة من أتباع الكنيسة الشرقية - فضل الإسكندرية على الثقافة الإسلامية - مراكز العلم في حران ونصيبين وجنديسابور - مهمة النساطرة والسريان في النقل عن الإسكندرية إلى الشرق الأدنى - اشتغال العرب بالعلم والفلسفة متأثرين بالنساطرة وبالصابئة في حران - حركة النقل وما نقل العرب عن الأمم الأخرى
الثقافة الإسلامية كما يؤخذ من اسمها وليدة الإسلام، فالإسلام، هو العامل الوحيد في نشوئها، والعرب هم حملة لواء الإسلام فهم إذن الكواهل التي نهضت بهذه الثقافة وأقامت على الزمن بنيانها المكين. ولم يكن العرب ليؤدوا هذه الرسالة الكبيرة وهي رسالة علم جامع شامل، لو لم يكن في طبيعتهم لذلك استعداد وقبول
والعرب الجاهليون أميون، أبعدتهم تضاعيف شبه الجزيرة العربية عن الأمم ذات الحضارة، وعزلتهم عنها انعزالاً لم يخفف من حدته سوى خروج بعض الأعراب وبخاصة من قريش في التجارة إلى الشام ومصر. وقد ذقت أخفاف الإبل على وجه الجزيرة العربية طريقين هامين: الأول طريق حضرموت والبحرين والخليج الفارسي، والثاني طريق اليمن والعسير ومكة والبطراء، فإذا ما انتهت المتاجر إلى خليج فارس وتخوم الشام كان اختلاط بين العرب وسكان الحضر، وكان تبادل في التجارة، وكان امتزاج فيه مصلحة مادية، وفيه تبادل أفكار، وفيه أخذ وعطاء فكريان إلى جانب الأخذ والعطاء المعروفين في التجارة
وقد حل عرب الحجاز محل اليمنيين في السيطرة على الحركة التجارية وعلى مسالك التجارة قبل انبثاق فجر الإسلام بقليل، وكاد عرب الحيرة بسبب شدة ولائهم لفارس، ورغبتهم في تنحية ما عداهم من الأعراب عن خدمة الفرس يستأثرون بتجارة إيران.