للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإسلام ونظام الحكم عندنا]

للأستاذ منصور جاب الله

إن صح الحديث النبوي (الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا عضوضا) ولم يكن من وضع غلاة الشيعة، فإن معناه أن الإسلام في أصوله الأولى لا يعترض بالنظام الملكي الوراثي.

ولم تكن الخلافة الراشدة في أزهى عصورها نظاما جمهوريا، ذلك لأن النظام الجمهوري من بدء نشأته محدود بميقات معلوم، وما كانت الخلافة الإسلامية كذلك، وإنما كانت نظاما قائما على البيعة الشاملة في سائر الأمصار. وقيل إن الخليفة لم يكن يملك النزول عن البيعة، حتى أن عثمان بن عفان أبى أن يدع أمر المسلمين يوم أحدق الثوار بداره ومنعوه الماء، لأنه عد بيعة الأمة تكليفا من الله تعالى.

فالخلافة إذن لم تكن ملكا وراثيا ولا كانت نظاما جمهوريا، وإنما نذكرها اليوم لأننا نحب أن نستنير بهديها ونجري على سننها، ولا يقذفن في الأذهان أننا نرمي إلى إعادة الخلافة بمعناها لشامل الواسع، فما إلى ذلك من سبيل.

وإنما نريد أن نتحدث في صحيفة الأدب الرفيع، وفي وجازة خاطفة عن نظام الحكم الصالح، فنحن الآن في غضون ثورة مباركة ونهضة تستهدف خير الشعب ومصلحة المجموع. والجمهور من المصريين على اطراح نظام الحكم الملكي بعد ما تبين فساده وسوء استغلال العاملين فيه لموارد الشعب واستنزاف دمائه لقضاء النزوات والبوائق واللبانات.

هذه إذا غضضنا الطرف عن كراهية الشعب للأسرة المالكة القائمة، إذ أصلها غير مصري، ومؤسسها الأول جاهل أمي، والكثرة الكثيرة من أعضائها وأفرادها لا يشرفون الوطن الذي ينتسبون إليه، بل إن مباذلهم ومتارفهم لهى معاول الهدم التي كادت تأتي على بنيان الكرامة الوطنية والعزة القومية فتجعله حصيدا كأن لم يغن بالأمس.

فالشعب المصري الذي فقد الثقة بالنظام الملكي على الإطلاق والذي فقد الاحترام للأسرة الحاكمة في مصر، لا يمكن أن يفرض عليه نظام ملكي وراثي إلا إذا سلك سبيل الإرغام. ونحن في عصر ثورة بل في زمن نهضة وليس للإرغام علينا من سبيل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>