بينما تواجه أوربا أزماتها الخاصة، في أسبانيا وفي حوض البحر الأبيض بنوع خاص، وتنظر إلى تطوراتها بحيرة يمازجها الجزع، إذا بحدث خطير يقع فجأة في الشرق الأقصى ويثير في الصين فتنة جديدة كادت تسفر عن أخطر العواقب لو لم تخمد في مهدها. وقد غدت هذه الفورات الفجائية ظاهرة الحوادث في الصين، وأضحى من الصعب أن نقف على بواعثها وغاياتها دون الرجوع إلى مثيلاتها من الحوادث والمفاجآت التي توالت في الصين في عشرة الأعوام الأخيرة، واستعراض الأوضاع السياسية الفريدة التي تعيش في ظلها تلك الإمبراطورية الشاسعة
وملخص الحادث المسرحي الجديد الذي كاد يثير ضرام الحرب الأهلية في الصين كرة أخرى، هو أن الماريشال تشانج هسويه ليانج الذي يرابط بقواته في سيانفو عاصمة إقليم شنصي، قد دبر كميناً للقبض على الماريشال تشانج كايشك رئيس حكومة نانكين الوطنية، والقائد العام للجيوش الصينية بينما كان يستشفي قريباً من سيانفو، واعتقله مع بعض حاشيته؛ ثم أذاع أنه يرمي بذلك إلى حل الحكومة الوطنية الحاضرة التي تمادت في خضوعها لليابان، وتأليف حكومة جديدة تعلن الحرب على اليابان، وتعمل على استرداد الأقاليم التي انتزعتها اليابان من الصين وفي مقدمتها إقليم منشوريا؛ وقد أخطر الماريشال الثائر أسيره بهذه المطالب، وأخطر بها حكومة نانكين، فرفض الرئيس المعتقل ورفضت الحكومة أن تبحث في شانها قبل الإفراج عن الرئيس، وإعادة الأمور إلى نصابها؛ وقد حاولت حكومة نانكين أن تصل بطريق المفاوضة والتفاهم إلى تسوية مؤقتة يفرج معها عن الماريشال المعتقل، فأبى الزعيم الثائر؛ واضطرت الحكومة أن تجرد عليه بعض قواتها؛ وقد زحفت القوات الحكومية فعلاً صوب سيانفو، وبدأت المعارك الأولى بين الفريقين ونحن نكتب هذه السطور
فمن هو هذا الزعيم الثائر تشانج هسويه ليانج؟ وما هي بواعث حركته؟ إن الماريشال تشانج هسويه ليانج هو ولد الماريشال تشانج تسولين زعيم منشوريا السابق الذي قتل غيلة