[من وحي جنائن دمشق]
تعالي
للسيد جورج سلستي
تعاَليْ لنسهرَ حتى السَحَرْ ... فللمغرمينَ يلذُّ السَهَرْ،
فهذا الغدير، وهذى الرياض ... التي تعشقين، وهذا الزَهَرْ
أطلَّ عليها جميعاً، كوجهك ... غبّ الشجونِ، أخوكِ القَمَر
يوشِّعُها من سناءِ ضياه ... ووهْج أشعَّتهِ بالبِدَر!
تعاَليْ فقد رقَدَ المرجفون، ... وغطَّ الوشاةُ، ونامَ القَدَر!
سجاَ الليلُ إلاَّ هبوبَ النسيم ... العليلِ، وإلاَّ حفيفَ الشجر
وأبلسَ إلاَّ خريرَ الغديرِ ... وجرجرةَ الماءِ في المنحدر
تعاَليْ أُساقطُ منكِ الكلامَ، ... فإِنّ كلامَ الحسانِ دُرَرْ
وتحت ستارِ الدُجى يُستطابُ ... حديثُ القلوبِ ويحلو السَمَر
تعاَليْ فكلّي جوارحُ تهفو ... لمرأى المحيَّا الوسيم الأغرّ
تعاَليْ فشوقي إليكِ تلظَّى ... وأنَّ حنيني إليكِ استَعَرْ
تعاَليْ أبثك نجوى الفؤادِ ... وأشكِو إليكِ صُرُوف الغِيرْ
وما فعلتْ بَي أيدي البعادِ ... وما خلَّفتْ من بليغ الأَثَرَ!
هنا مجتلى عبقريُّ الرواءِ، ... وضئُ المحاسنِ، فَذُّ الصور
زها بغلائلهِ الفاتناتِ ... وماجَ بوشْيِ الربيع النَضَر
كأنَّ جنانَ الخلودِ عليه ... تجلَّينَ بالرَوْنَقِ المبْتَكَر!
مراءٍ تشعُّ بسحرٍ الجمال ... فتسبي العقولَ، وتسبي النَظَر
هنا الروضُ يطفحُ بالنُعمياَتِ ... فيشأو جميعَ الرياضِ الأُخَر
هنا متعةُ النفسِ يا منيتي ... وراح النُهى ومراحُ الفِكَر
هنا جنةُ اللهِ في أرضه ... إذا كانَ من جنةٍ للبَشَر
تعاَليْ فإِنَّ لقاَءكِ فيها ... لسرُّ الحياة ونعمى العُمُر
تعاَليْ نذوب غراماً فنبقى ... حديثَ الدهورِ ونجوى العُصُر