يطلق عادة على الدولة الوسطى - وتشمل بمعناها المحدود الأسرة الثانية عشرة (٢٠٠٠ - ١٧٨٨ ق. م) - عهد الإقطاع أي أن نظام المجتمع كان يشبه ذلك النظام الذي ساد في أوربا في العصور الوسطى - فهناك على رأس الحكومة يقوم الملك، وهو لا يزال نظرياً مصدر السلطات كلها، والكاهن الأكبر لكل الآلهة، والمشرَّع الوحيد - ويليه عدد كبير من الأمراء المحليين يتسلمون أراضيهم منه، ويدينون له بالولاء، ولكنهم مستقلون عنه في إماراتهم استقلالا يكاد يكون تاماً. على أنه لا ينبغي أن نغالي في الفرق بين هذه الأحوال وتلك التي سادت في عهد الدولة القديمة. فالفرق كان فرقاً في الكمية أكبر منه فرقاً في الكيفية.
ففي أواخر الأسرة السادسة سقطت مصر في فوضى شديدة نظراً لعجز الملوك عن الإشراف على الأمراء الأقوياء وضبطهم، ثم لإغارة قبائل (عامو) الأسيوية على الدلتا. فاستقل أمراء المقاطعات وصاروا يتنازعون فيما بينهم، فاضطرب الأمن واختلت أحوال البلاد؛ لذلك كان تاريخ تلك السنوات مظلماً، وعندما ينبثق النور نجد الحكم في يد أسرة من الأمراء مقرها هيراقليوبوليس في مصر الوسطى - وقد ذكر مانيتون أنهم كونوا الأسرتين التاسعة والعاشرة - ونجد في الجنوب أسرة أخرى تقوم بالحكم في طيبة. هذه هي الأسرة الحادية عشرة، وقد عاصرت الهيراقليوبوليسيين مدة ما، ولابد أن نزاعاً شديداً قام بين هاتين الأسرتين ثم انتهى بانتصار الجنوب انتصاراً حاسما.
ولما تولى الحكم الطيبيون ملوك الأسرة الثانية عشرة، واجهتهم حالة تختلف كل الاختلاف عن تلك التي صادفت الملك مينا عندما وحد القطرين - فقد انتهز الأمراء المحليون سنوات الاضطراب وعادوا إلى توطيد سلطتهم، وتقوية نفوذهم حتى تجرأ أمراء (مقاطعة الأرنب) على قطع المرمر من محاجر حاتنوب، وكان هذا الحق مقصوراً على الملك وحده، وزيادة