للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هكذا قال زرادشت]

للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه

ترجمة الأستاذ فليكس فارس

مشاهير الحكماء

جميعكم أيها الحكماء المتمتعون بالشهرة، قد خدمتم الشعب وما يؤمن به من خرافات، ولو أنكم خدمتم الحقيقة لما كرمكم أحد، ومن أجل هذا احتمل الشعب شكوكم في بيانكم المنمق لأنها كانت السبيل الملتوي الذي يقودكم إليه. وهكذا يوجد السيد لنفسه عبيداً يلهو بضلالهم الصاخب. وما الإنسان الذي يكرهه الشعب كره الكلاب للذئب إلا صاحب الفكر الحر عدو القيود الذي لا يتعبد ولا يلذ له إلا ارتياد الغاب

إن ما حسبه الشعب في كل زمان روحاً للعدل إنما هو العدو الكامن المترصد لروح الحرية يستنبح عليها أشد كلابه افتراساً وقد قيل في كل زمان (لا حقيقة إلا في الشعب فويل لمن يطلبها خارجاً عنه)

لقد أردتم أن تؤيدوا الشعب في ما يبدي من خشوع وإجلال، فدعوتم هذه المذلة (إرادة الحق) فيالكم من حكماء

غير أنكم كنتم تقولون في أنفسكم لقد نشأنا من الشعب وصوت الشعب هو صوت الله فكنتم كالحمار الصبور المراوغ تعرضون وساطتكم على الشعب، ولكم من ذي سلطان أراد أن توافق عجلته ذوق الشعب ففطر لجرحها حماراً صغيراً، حكيماً مشهوراً. . .

فيا مشاهير الحكماء، إنني أطلب منكم أن تخلعوا عنكم ما تتلبسون به من جلود الأسود وجلود الوحوش الكاسرة المخططة وفراء المستكشفين للمجاهل والفاتحين. إذ لا يسعني أن أؤمن بالحقائق التي تنادون بها ما لم تقلعوا عن بذل التبجيل والتعظيم، فما رجل الحق إلا الضارب في القفار ولا إله له لأنه حطم بين جنبيه قلب التبجيل والتعظيم وإذا هو تلفت ورمال الصحراء تحرق قدميه إلى الواحات حيث يتدفق الماء الزلال، ويمتد وارف الظلال، وترتاح الحياة ملقية عصا الترحال، فلا يقتاده الظمأ إلى الاتجاه نحوها طلباً للاغتباط بين المغتبطين لأنه يعلم أنه لكل واحدة أصنامها، وما يريد الأسد إلا الانفراد

<<  <  ج:
ص:  >  >>