للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين فن التاريخ وفن الحرب]

٥ - خالد بن الوليد في حروب الردة

للفريق طه باشا الهاشمي رئيس أركان الجيش العراقي

(لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير! فلا نامت أعين الجبناء)

خالد بن الوليد

ويختلف الرواة في الحركة التي جرت، فالأخبار التي يستند إليها الواقدي والبلاذري لا تبحث في غارة المرتدين على المدينة، ولا تذكر موقع ذي حسي، وتذكر أن أبا بكر لما علم أن القبائل اجتمعت في ذي القصة بقصد الغارة قرر أن يقاتلها في عقر دارها غير مبال بقلة عدده، وقصد من ذلك إرهاب المرتدين وإلقاء الرعب في قلوب العرب، وجعلهم يعتقدون أن المسلمين أقوياء وأن ذهاب جيش أسامة يقلل من قوتهم، فتقدم أبو بكر على رأس المقدمة الراكبة نحو ذي القصة يعقبه الكوكب (القسم الأكبر).

وبالنظر إلى رواية سيف أن الجمال بعد أن نفرت براكبيها، ودخلت المدينة بات أبو بكر ليلته يتهيأ للهجوم، فبعد أن رتب قوته خرج مبكراً من المدينة وباغت عدوه فهزمه شر هزيمة. والذي يلوح لنا أن الروايات الأولى هي الأصح. وكانت قوة المقدمة تبلغ مائة رجل، وسارت يومها وعسكرت مساء بالقرب من أجمة، فباغتها العدو من مكمنه وألجأها إلى الفرار، فاحتمى أبو بكر بالأجمة منتظراً ورود الكوكب (القسم الأكبر) ولما نادى أحد المسلمين بوروده انهزم المرتدون، فطاردهم المسلمون إلى ثنايا العوسجة ثم قفلوا راجعين إلى ذي القصة

ويذكر الواقدي أن أبا بكر لم يخرج إلى ذي القصة إلا بعد عودة جيش أسامة إلى المدينة، غير أننا لا نميل إلى رأيه، لأن مجرى الأخبار يدل على أن قوة المسلمين كانت ضعيفة لما خرجت من المدينة قاصدة العدو. ويزعم سيف أن بني ذبيان وعبس بعد هزيمتهم هذه وثبوا على من فيهم من المسلمين فقتلوهم، وحلف أبو بكر ليقتلن من المشركين في كل قبيلة، وليقتلن من كل قبيلة بمن قتلوا من المسلمين. وكانت وقعة ذي القصة والبقعاء أول

<<  <  ج:
ص:  >  >>