كانتا أمتين انبثقت أحدهما عن الأخرى، ثم حثت الأولى خطاها إلى مستقر الخلود، وظلت الأخرى وستظل تصعد في مراقي الحرية والكرامة، مدفوعة بما ينبض في تجاليدها من حرارة الإيمان وصدق الجهاد اللذين تحدرا إليها من الأمة المائلة في الرجل الخالد محمد علي جناح. .
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
كان، أجزل الله مثوبته، أمة وحده حقاً خلق أمته من حلم رف في يقينه، وخاطر استبد بخلد؛ ثم نشأها على معان عالية من العزة والكرامة، فكانت بين عشية وضحاها خامس دولة بين دول العالم، وأول دولة بين الإسلام.
إن محمد علي جناح الزعيم المسلم يقف وحده بين عظماء التاريخ وزعمائه فوق قمة لم يطاولها ولن يطاولها عظيم من عظماء الرجال وأفذاذهم، فقد تميز بسمات وخصائص لم تتوفر لسواه
رجل تمخضت حركته عن إنشاء دولة وبناء أمة.
ولو تراخى الزمن بفيلسوف الضاد وشاعرها المعري، ورأى كيف تسنم جناح هضبة المجد بأمته الباكستان وأحلها أعلى قممها وأرفعها سموقاً وعظمة ما قال هذا البيت:
وزهدني في هضبة المجد خبرتي ... بأن قرارات الرجال وهودها
ومن هنا طاب لي أن يدور حديثي في تحية عيد استقلال الباكستان على صاحب الفضل الأول والأخير في هذا الاستقلال الضخم العتيد.
فالحديث عن جناح إذن هو الحديث عن الباكستان، فهما اسمان مترادفان يتواردان على مدلول واحد من العمل الخالد والمجهود العظيم.
سمعت عن منشئ الباكستان العجب العجاب من أحاديث البطولة والتفوق، ثم أتيح لي شرف الصلة الوثيقة به، وأسعدني بزيارة كريمة في بيتي، فشهدت عن كثب هذه الشخصية الفريدة؛ وتحدثت إليه وتحدث إلي في فنون شتى من ألوان الحديث لمست خلالها تلكم