للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلامه:]

١٢ - تولستوي

(قمة من القمم الشوامخ في أدب هذه الدنيا قديمه وحديثه)

للأستاذ محمود الخفيف

في القوقاز

كان أكثر ما يجد من الأنس في صحبة صديقه سادو وفي صحبة رجل آخر هو إبيشكا القوزاقي صاحب الكوخ الذي كان يقيم به، وذلك الذي برع في الصيد براعة عظيمة أو الذي برع في الحديث عن مقدرته ومهارته فيه، وعن أيام شبابه الأولى وكيف كان الغواني يأخذن عليه كل سبيل ويفتتن به كل الافتتان، ولقد جعل منه ليو صورة إروشكا في قصته (القوزاق) فبلغ في ذلك غاية الإبداع.

وكان الصيد من أحب ما يلهو به في ساعات فراغه، وقد كانت الأرض غنية بطلبته من الأرانب البرية والثعالب، وكان يصحبه إبيشكا إلى قرى وأماكن بعيدة في الجبال حيث كانت تحيط بهما المخاطر في كثير من الحالات. . .

وليته جعل للصيد كل فراغه، فلقد عاد إلى الميسر منذ سنة على الرغم من مغالبته نفسه ابتغاء الإقلاع عنه، وما استطاع أن يكف عنه إلا ستة أشهر بعد أن وقع في الشرك ولم يمض عليه في القوقاز أسبوعان؛ وما إن عاد إلى التفرج على إخوانه الضباط وهم يلعبون حتى غلبه حب اللعب فأقبل عليه إقبال النهم الذي حيل بينه زمناً وبين الطعام، ففي كتاب منه إلى عمته تاتيانا في شهر يناير سنة ١٨٥٢ أخذ يقص عليها كيف عاد إلى الميسر وكيف لحقته الخسائر من كل فج! وظل هذا شأنه طول تلك السنة والتي تلتها حتى عاوده ندمه وضيقه.

أما عن جانب الجد من حياته في القوقاز، فإنه في الجيش قد أبدى من البسالة في مواطن كثيرة ما استحق به صليب سان جورج للبطولة، ولكنه لم يحزه فعلا نظراً لعجزه عن تقديم شهادات وأوراق خاصة كان لابد أن يقدمها من يحظى بهذا الإنعام. . .

وكان كما سلفت الإشارة إليه قد أخذ يكتب منذ سنة ١٨٥١ وفي شهر يوليو سنة ١٨٥٢ أتم

<<  <  ج:
ص:  >  >>