للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

المقامر. .

للأستاذ كارنيك جورج

لفظه الباب إلى الشارع، فسار مسرعاً وفي أذنيه تتردد صيحات زوجه وأناتها، كما يتردد قول خادمته (أسرع يا سيدي. أسرع بالقابلة، إنها تعاني آلام المخاض)! إلام المخاض، وفي مثل هذا الوقت بالذات، وقت ذهابه إلى النادي لملاقاة أصحابه؛ لا! إن هذا لشيء مزعج مؤلم! ألم تجد تلك الآلام وقتاً آخر؟ كان الأحرى بها أن تأتي في الصباح وهو في مقر عمله، أو عند الظهيرة قبل أن يعود إلى البيت، أو عند الليل حين يكون في ناديه المعتاد، لا في هذه الساعة بالذات، هذه التي يفارق فيها زوجه وبيته ليسعى إلى متعته مع أصحابه. . .!

قال وهو يقلل من سرعة خطواته (ولماذا تلد؟ هل أنا بحاجة إلى ولد آخر. يكفيني واحد؟ لست بحاجة إلى اثنين! وهل وجدت في الواحد راحة لأجدها في الاثنين؟ وهل تمكنت أن أنام أثناء الظهيرة ساعة واحدة بهدوء لم يعكره هذا الولد العاق بضوضائه وصراخه؟! أنا لست راضياً عن واحد، فكيف أرضى عن أثنين؟ لا شك إنهما سوف يذيقني أصناف العذاب. وهاهو الثاني قبل أن يأتي وقبل أن أراه يجبرني على التخلي عن أصحابي لآتي له بقابلة، كأنما الملعون يأبى أن يأتي إلا إذا وضعت له من تستقبله بالترحاب، لكي ينزل على بيتي ضيفاً ثقيلاً إلى الأبد! يزعجني وهو صغير بعلله وبكائه، ويزعجني وهو شاب بتعليمه وتثقيفه، ويزعجني وهو كبير بتعجرفه وتكبره! وربما تحول عني وتركني عاجزاً جائعاً، ومضى وراء عاهرة أو فاجرة، أو شيء من هذا القبيل، ونسى أنني أنهكت قواي وبذلت أقصى جهودي لكي أربيه وأكبره. . .!

(لا. . . أن هذا لا يطاق. من الخير أن لا أطيل وأزمر لإستقباله، مادام سيتنكر لي بعد أن يكبر. لكن العاطفة التي وضعها الله في قلبي ترغمني على أن أضحي لأجله بهذه الليشلة ولأجل زوجي بالليلة المقبلة، زوجي التي تفهمني كما لم يفهمني أحد. إن ضميري لا يدعني أسد أذني عن صرخاتها وتأوهاتها وأناتها. . . سأدعو القابلة، وسأتخلف عن النادي وأبقى في البيت حتى ولادة ذلك الملعون الذي يعربد في أحشائها وهم لم ير النور بعد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>