فكيف به بعد أن يرى النور؛ أنه سيعربد في الدار عربدة لا هوادة فيها.
أنا لا أضحي بلبلتي هذه من أجله، ولا أدعو القابلة لاستقباله، بل أفعل ذلك لأجل زوجي فقط! وليذهب الملعون إلى الجحيم، على أن يترك لي زوجي بكامل صحتها.
وعندما بلغ النادي الذي يتردد عليه كل ليلة توقف قليلاً، وأرسل أنظاره من خلال زجاج إحدى النوافذ فرأى أصحابه مجتمعين حول منضدتهم الخاصة! لاشك أنهم يئسوا من مجيئه هذه الليلة فباشروا اللعب. هو ذا يرى كرسيه خالياً، كأنما ينتظره ولم ييأس، بعد من مجيئه. أنه لن يجعله ييأس، سيأتي إليه، سيجلس عليه، كما يجلس كل ليلة، لكن. . بعد ساعات! بعد أن يأخذ القابلة إلى البيت لتخلص زوجه من آلام المخاض، ومن ثم يعود! ماذا يهم زوجه لو تخلف عنها يعد زوال الخطر؟ وبعد ولادة ذلك الابن الصغير الذي يأبى الانتظار حتى الصباح. أنه سيعود، في آخر الليل، واللعب في آخر الليل يتخذ صيغة الجد! فلو حالفه الحظ وكسب هذه الليلة فإن ولده قد يكون سعيداً. وإن لم يكسب فلا. . . لكن! لماذا لا يجرب الآن؟ لماذا لا يدخل فيلعب (كاريه) واحد فقط، ويرى كيف يكون حظ ابنه القادم؟! إن هذا اجدى، ومن يدري ربما لا يتمكن بعد ولادته أن يأتي فينضم إلى جماعته ويجلس على ذلك الكرسي. فالولادة ربما أعقبها أمور أخرى، وربما أدى الحال إلى استحضار أحد الأطباء على أثر عجز القابلة، وربما رأى الطبيب ضرورة في نقلها إلى المستشفى، وربما. . . وربما. . .! فيكون الخاسر هو ولا سواه. إذ يخسر ما كان يجب أن يربح الليلة، أنه واثق أنه سيربح! وإنه واثق أنه لو (كاريه) واحد لما أدى ذلك إلى وقوع أي شيء مضر على بل النقيض سيربح، سيربح أجرة القابلة ومصاريف الولادة، وبذلك لا يكلفه وكده شيئاً، وبذلك يكون هو. . . القائم بمصاريف ولادته من حيث لا يدري أحد.! نعم. . . نعم، لو تأخر ربع ساعة لربح كثيراً، ولم يخسر شيئاً.
ووجد نفسه يرفع يده، ويدفع الباب الزجاجي ويدخل النادي. وما إن وصل إلى مكانه حتى هلل له أصحابه ورحبوا به. فجلس على كرسيه الخاص، ولم تلبث يده أن أخرجت من جيبه عدة أوراق مالية، وضعها على المنضدة، وشارك أصحابه اللعب. . .!
. . . ومضى ربع ساعة، وأعقبه ربع آخر. . . وهو جالس إلى جماعته وأثار العرق بدت واضحة على جبينه! فالحظ لم يحالفه لأول وهلة، لكنه سيحالفه، أنه سيجبره على محالفته،