للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقاييس وأصول في النقد والشعر]

للأستاذ عباس محمود العقاد

(كتب الأديب السوري العصري الأستاذ خليل هنداوي مقالاً في مجلة الكتاب الفيحاء تناول فيه بالنقد مؤلف الأستاذ سيد قطب الحديث عن (كتب وشخصيات). واستطرد من نقده إلى الكلام على ما سماه المدرسة الشوقية والمدرسة العقادية في الشعر، ثم انتهى من كلامه قائلاً: ومثل شوقي لن تظهر قيمته مدرسة عقادية لأنها أظهرت فيه تحيزها يوم كانت تريد أن تجعل من المازني الشاعر الأكبر، ومن شكري الشاعر المصور. وها قد طلق المازني الشعر لأنه لم ير نفسه أهلاله، وها شعر شكري لا يردده أحد، لم يبقى من تلك الفئة إلا العقاد. والعقاد رجل ذهنية جبارة وعقل خصيب عجيب، لا يسمح له أن يطير إلا بقدر. . .

(وكان من الحق أن أرجع إلى صاحب المدرسة في هذا السؤال الذي أردت له جواباً شافياً عن هاتين المدرستين. . . فما قول الأستاذ فيما كتبه الهنداوي وما زعمه من التحيز وما حكم به بين المدرستين. . . الخ.

علي نافع

ونحن نوجز غاية الإيجاز في الجواب المفيد على هذا السؤال، فنقول إن التحيز في أحكام الأدب - وفي جميع الأحكام - أخلق أن ينسب إلى الذين يستحسنون أو يستهجنون لغير سبب يعلمونه إلا إنهم قد استحسنوا وإنهم قد استهجنوا ولا مزيد.

أما أن يبنى حكمك على أصول ومقاييس نعم الآداب كلها ولا تخص أحداً من الشعراء أو الكتاب فليس ذلك من التحيز في شيء كائناً ما كان الرأي الذي ترتئيه. وليس المتحيز إلا الذي يستمع إلى تلك الأصول والمقاييس فلا ينقدها ولا يبطلها ولا يفهمها على الوجه الصحيح.

ونحن لا يعنينا شاعر من الشعراء بعينه إذا فهمنا الشعر على حقيقته وطلبناه من معدنه. أما إذا كان نجهل تلك الحقيقة ولا نعرف المحك الصادق لذلك المعدن فالمصيبة أعم من محاباة شاعر أو الإجحاف به والتحامل عليه لأنها مصيبة الميزان نفسه لا مصيبة الشيء الموزون في إحدى كفيته، أو في كلتا كفتيه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>