للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش معركة عين جالوت:]

بين مصر ولبنان

للأستاذ أحمد رمزي بك

أمراء الغرب البُختُريون من تنوخ أهل المجد وأصحاب الرياسة في لبنان كانوا طوال الأعصر الماضية حلفاء مصر ويدها اليمنى في كثير من الملمات والحوادث. كانت (إعبية) معقلا لهم وفيها آثار قلاعهم وقصورهم، ما مررت بها إلا وغلبتني دمعة حاولت إخفاءها، فقد دالت منذ زمن بعيد دولة أمراء الغرب وذهبت ريحهم أو قل مع الريح أخبارهم، كما دالت وذهبت مع الريح دولة مصر الإسلامية التي كامن تهزّ الدنيا ويخشاها أهل الشرق وأهل الغرب.

وبقيت ذكريات ذلك العهد وآثاره وأعمال مصر الإسلامية العربية وجهادها وهي جميعاً تحرك النفس وتدعوا إلى العجب من هذا النسيان الذي لا أجد له تفسيراً لدى أحد من الناس، نعم عجبي من هذا النسيان الشامل الذي نعيش في غمراته.

لقد ذهبت أخبار أمراء الغرب ودفعوا ثمن ما عُرف عنهم من ولائهم لمصر وعرشها غالباً بعد معركة مرج دابق وزوال الدولة المصرية من الوجود، ثم فنيت جموعهم واندكت صروح مجدهم ولم يعد يسمع لهم خبر بعد أن ورث المعنيون وهم أتباعهم ثم أصهارهم الملك والإمارة من بعدهم، وجاء الشهابيون وهم من أتباع آل معن فورثوا الإمارة والرياسة من هؤلاء، فاندثرت الرياسة الكبرى لأمراء الغرب من تنوخ إذ هم الأصل والكل فروع، مثلهم في لبنان كمثل آل سلجوق في الدنيا، الكل لهم فروع من أتابكة وأيوبيين وأمراء من البحرية والبرجية وملوك من آل عثمان وسلاجقة الروم لأنهم كانوا الأصل والموئل والمرجع ومن سواهم فهم فروع لهم.

بنو هاشم في كل شرق ومغرب ... كرام بني الدنيا وأنت كريمها

وسآتيك بنبأ من أخبارهم يحلو لي ترديده وذكره، وهذا حديث يصح فيه قول البحتري:

وهو ينبيك عن عجائب قوم ... لا يشاب البيان فيهم بلبس

فقد ذكر صالح بن يحيى خبر المرسوم الذي بعث به المعز أيبك صاحب مصر إلى سعد الدين خضر أحد مقدمي أمراء الغرب وقال إن أهل الشام نسبوا أمراء الغرب إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>