للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خواطر!]

ضجة!

هي موسيقى كلها نشوز، موسيقى خفاقة مضطربة؛ يثيرها فرد بل تثيرها في الفرد يده اليمنى، وليست الموسيقى الا تعبيراً عن الذوق والإحساس. وقد اشتهر المصريون من يوم خوفو وأترابه بالذوق الرفيع، والإحساس السامي. . .

والمصريون أمة مرحة طروب؛ وإذا كان هناك شك فقد بطل الشك، وأثبت نزعة المرح في أمتنا بائع العرقسوس!

في أحيائنا الوطنية وأنصاف الوطنية يسير هذا الرجل يحمل إلى صدره آنية ضخمة، خرج من فوهتها لوح من الثلج طويل يترجح بين البياض والسمرة. . . ويمسك بيده اليمنى وعاءين من النحاس الأصفر، يتنافران أحياناً؛ فإذا تجاذبا تعانقا، وكانت قبلتهما تلك الموسيقى التي يضج لها الشارع، وتطل عليها الملاليم، وتملأ لها الكوبات، ويحسوها الناس فرحين، وتنفرج الشفاه عن لفظ الجلالة. .!!

وعلم الله أن بائع العرقسوس وشراب العرقسوس، لا يستحقان هذا التقدير، وليس من الذوق أن يثيرا هذه الضجة المزعومة، وإلا كان لبائع التمر هندي أو الرمالي أو جروبي أن يسير وفي معيته طبل بلدي.!!

تقليد!

يزعمون أن التقليد لا يفيد، وأن المقلد أعرج بالقياس إلى صاحب الفكرة، أو كالتل بالنسبة للجبل، ويعطينا الزاعمون أمثلة من الأدب، فيقولون: إن الأدب الروماني ظل للأدب اليوناني، ولهذا كان الأدب الروماني ضعيفاً بالقياس إلى أدب اليونان. ثم يعرجون على حياة الجماعة، فيقولون: إن تقليد الناس للناس في مظاهر حياتهم معناه أن المقلد يستمر على ذيل القافلة يتطلع ولا يتقدم، ويبصر ولا يفكر.

وسواء أكان هذا الرأي صواباً أم خطأ فأنا أرى أن تقليد الإنسان للإنسان هو قضاء على تفكير المقلد، وعبودية لعبقريته الكامنة. وأن النفس التي تعيش على تفكير نفس أخرى، أجدر بالزراية وأحق بالتثريب.

فتياتنا في مصر أردن خلع البراقع وأردن تقليد الغربيات، فماذا اخترن لرؤوسهن من

<<  <  ج:
ص:  >  >>