للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لباس؟ اخترن (البيريه) وما أعجب وضع هذا البيريه على الرأس! ذلك الوضع الذي يحتاج إلى حارس يراقب رأس الآسنة! محافظة على ذلك البيريه الذي تنافر مع معظم الرأس وتجاذب مع بعضه، مصغياً إلى الشمال جدا. .! وحسب موقع البيريه من الرأس أنه يترجح بينها وبين الأرض، وأنه في حاجة إلى إنسان يراقبه من عثرة السقوط! أما لون البيريه فأغلب الظن أنه تقليد أعمى لجوارب كرة القدم في ملاعب القاهرة. .!

أنا لا أكره البيريه وإنما أكره وضعه من الرأس ولونه السخيف. . .

سخاء!

لعل طبيعة السخاء في المصريين تغلب على طبائعهم جميعا، وليس يشك عاقل في أن السخاء طبيعة محبوبة ترضاها الإنسانية المعذبة التي لا تجدها في كثير من الأحيان. ولكن، نعم، ولكن السخاء قد يركب العقل والقلب ويصبح نوعا من الإسراف، فيه ثورة على أمن الناس وراحتهم!. .

في الترام أو في السيارات العمومية تجد هذا السخاء يمتط ويعرض وتطول حباله فإذا به ثورة. . سحاء يدفعه الوفاء حيناً وتدفعه المظاهر أحياناً، هذا يريد أن يكلف نفسه ما وسعت فيتحمل عن صديقه عبء التذكرة. . . والصديق يأبى أن يستغرقه هذا الفضل!. ويرغب في أن يكون سباقاً في هذا المضمار!

وتقوم ثورة تحسها في اللسان، وقد اجتمعت عنده أغلظ الايمان، وتراها في العينين الزائغتين، وفي اليدين المندفعتين، تحمل القروش إلى المحصل! وتبدأ الثورة رويداً رويداً ثم تتكاتف الألسنة، وتبرق العيون، وتندفع الأيدي؛ هذا يريد أن يدفع، وذاك يود أن يسبق صاحبه، والمحصل يظل حائرا، وقد وسعت يده أكثر مما يطلب، ويرجو إن أمكن أن تصل يد قبل أختها. فأغلب الظن أن يدي الصديقين تصلان معاً في فترة واحدة، وفي عاصفة من التهليل والتكبير!. أما الراكبون فلست أشك أنهم لا يغضبون، لأنهم في هذا السخاء سواء يعلنونه ما ملكت إيمانهم وما وسعت جيوبهم، وكم أخاف أن تقوم هذه الضجة فلا يجد أحدهما في جيبه غير ثمن تذكرته، وتصبح ثورة السخاء هباء في هباء، والناس من حولهما يضحكون أو يأسفون؟!.

إبراهيم عبده

<<  <  ج:
ص:  >  >>