للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الخلان والزمان]

بين أبي فراس والبارودي

للاستاذ محمد محمد الحوفي

(تتمة)

ويقرن أبو فراس الدهر بالخلان مكرراً ذلك في غير موضع: فهو يستنكر أن يعاتب أحداً، لأن العتاب إنما يكون للأوفياء والناس كدهرهم غادرون:

ما لي أعاتب ما لي أين يذهب بي ... قد صرح الدهر لي بالمنع والياس

أبغي الوفاء بدهر لا أنيس به ... كأنني جاهل بالدهر والناس

والدهر متحالف مع خلافنه على الخيانة:

يا دهر خنت مع الأصادق خلتي ... وغدرت بي في جملة الإخوان

والأيام حية لبست ثوب ناصح:

تصاحبنا الأيام في ثوب ناصح ... ويغتالنا منها على الأمن أرقم

ويكرر هذه الصورة فيقول:

تكاشرنا الأيام فيمن نحبه ... ويختلنا منها على الأمن أرقم

وفي أرجوزته الطردية، يعرج على الدهر فيرميه بالجور والغدر:

ما أجور الدهر على بنيه ... وأغدر الدهر بمن يصفيه

ولا يزال الدهر يتمثل لأبي فراس في كل شيء حتى في عيادة سيف الدولة فقد أخرَّه الدهر عنها:

لقد نافسني الدهر (م) ... بتأخيري عن الحضرة

ويزهو بكثرة حساده، وحقد دهره عليه:

ولم أر مثلي أكثر الناس حاسدا ... كأن قلوب الناس لي قلب واحد

ألم ير هذا الدهر قبلي فاضلا ... ولم يظفر الحساد قبلي بماجد!

ولما كان هذا الدهر هو (صهيونية) أبي فراس الذي يبغضها وتبغضه، وينازعها وتنازعه - رأى أن السلامة والسعادة هي النجاة من غوائل الدهر، ولذا تراه يدعو لأصدقائه أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>