للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[السنيون والشيعة]

للأستاذ أحمد أمين

بهذا العنوان كتب الأستاذ (محمد رضا المظفر) من أفاضل علماء النجف مقالاً قيماً في (عدد الرسالة ١١٨ السنة الثالثة)؛ وقد أستهلها الأستاذ بالعجب من أن أكون كاتب (فجر الإسلام وضحاه)، وكاتب (مقدمة تاريخ القرآن) للأستاذ الزنجاني معاً وأن (النغمة التي ظهرت مني في هذه المقدمة نغمة متواضعة على وتر من إحساس جديد) وإنها على عكس ما ظهر مني في فجر الإسلام وضحاه، وفسر ذلك بأن لي (شخصيتين تباعدتا على قرب العهد بينهما)

والحق - يا أخي - أن النغمتين صدرتا عن نفس واحدة كانت تكره الخلاف بين السنيين والشيعة أشد الكره وأعمقه يوم كتبَتْ فجر الإسلام وضحاه كما كانت تكرهه يوم كتبت مقدمة تاريخ القرآن، وكما لا تزال تكرهه إلى اليوم

وكل مظاهر الخلاف بين القولين سببه أني بحثت في فجر الإسلام وضحاه مذهب الشيعة كما يبحثه كل عالم، وحاولت جهدي أن أضع التعصب جانباً، وأن أتناسى أني سني أكتب عن الشيعة، وأملأ نفسي عقيدة أني مؤرخ يتطلب الحق حيث هو - ومن أجل ذلك نقدت السنيين كما نقدت الشيعة، وقلت ما اعتقدته الحق في هؤلاء وهؤلاء، ووضعت الفرقتين في كفتي ميزان؛ فإذا قلت إن بعض الشيعة وضعوا بعض الأحاديث قلت إن بعض السنيين وضعوا بعض الحديث أيضاً، لأني اعتقدت الحق في ذلك؛ وهكذا سرت على هذا النهج دائماً وأنصفت المعتزلة في بعض آرائهم، والخوارج في بعض آرائهم، والشيعة في بعض آرائهم. مع أن العادة جرت أن السنيين لا يرضون عن شيء من ذلك، فأسلوبي في الحالين طلب الحق حيث كان، وإذا كان ديننا يتطلب منا أن نزن الحق في ذاته من غير أي اعتبار آخر سواء كان مصدره مسيحياً أو يهودياً أو وثنياً، فبالأحرى نزنه إن كان مصدره معتزلياً أو خارجياً أو شيعياً؛ وكل ما في الأمر أن بعض أخواني من الشيعة اخطأوا من ناحيتين: الأولى إنهم دائماً طبقوا ما أقوله عن الشيعة على أنفسهم، وفهموا أني لا أعني بالشيعة في كل موضوع إلا إياهم، مع أن الشيعة كما يعلمون فرق مختلفة لا حصر لها، وإن منها الغالي الممعن في غلوه، ومنها المعتدل القريب من الإنصاف، وليست الإمامية التي يدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>